للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي هامشه: قال العيني (١): وجه المناسبة بين البابين ما يأتي إلا بالجر الثقيل، وهو أن المذكور في الباب السابق طلب التيمن لأجل الوضوء والغسل، وههنا طلب الماء لأجل الوضوء، انتهى.

والأوجه عندي أن يقال: إن الإمام البخاري لما فرغ من بيان المغسولات في أعضاء الوضوء ولم يبق إلا المسح ذكر بعدها أحكام الماء الذي يحتاج إليه للغسل، وقدم طلب الماء؛ لأن وجدانه مرتب على الطلب مع ما في وقت الطلب من الاختلاف، قال ابن المنيِّر: أراد البخاري الاستدلال على أنه لا يجب طلب الماء للتطهير قبل دخول الوقت؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم ينكر عليهم التأخير فدل على الجواز، كذا في "الفتح" (٢)، وهكذا في "العيني"، وزاد: ذكر ابن بطال إجماع الأمة على أنه إن توضأ قبل الوقت فحسن، ولا يجوز التيمم عند أهل الحجاز قبل دخول الوقت، وأجازه العراقيون، انتهى.

وفي "تراجم (٣) شيخ المشايخ": قيل: إن الحديث الذي أخرجه المؤلف في هذا الباب ليس له تعلق قوي بترجمة الباب، بل هو أعلق بباب معجزاته - صلى الله عليه وسلم -، ولو كان مذهب البخاري في هذه المسألة مثل مذهب الشافعي من أن التماس الماء واجب آخر سوى الوضوء فإثبات هذا المطلب بهذا الحديث أيضًا بعيد؛ لأنه حكاية فعله وليس فيه أمر بالالتماس.

وعندي: أن مقصود البخاري أن عادة الصحابة كان ذلك، كانوا يلتمسون الماء ويتفحصون عنه ويفتشونه في مواضعه، وكانوا لا يكتفون بعدم حضور الماء في جواز التيمم وإظهار المعجزة أيضًا إنما هو لتكثر الماء، وكان ذلك تحصيلًا للماء وتفتيشًا له، فلو كان عدم الحضور كافيًا لما اهتمّ الناس بالتماس الوضوء، ولما فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - ما فعل لعدم الاحتياج، انتهى.


(١) "عمدة القاري" (٢/ ٤٧٧).
(٢) انظر: "فتح الباري" (١/ ٤٧١)، و"عمدة القاري" (٢/ ٤٠٨).
(٣) "شرح تراجم أبواب البخاري" (ص ٧٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>