وكتب الشيخ في "اللامع"(١): والاستدلالات التي أثبت بها المدعى غير مثبتة لها، أما من لم يتعرض لغير السبيلين فلأن تخصيص شيء بشيء في الذكر لا يدل على نفي الحكم عن جميع ما عداه، وهذا ظاهر.
وأما ما فيه تعرّض للخارج من غير السبيلين وإثبات لعدم انتقاض الطهارة به، فلأن فيه احتمالًا غير ما فيه إثبات لمدعاهم، وإذا جاء الاحتمال بطل الاستدلال، فأما أن الضحك لا ينقض الوضوء فنحن متفقون بهم فيه، وإنما الناقض هو القهقهة، وأما خلع الخف فنحن لا نقول بانتقاض وضوئه، وإنما الواجب عليه أن يغسل قدميه، وقول أبي هريرة: لا وضوء إلا من حدث، فهو يوافق المذهبين معًا، وإنما الكلام في تعيين الحدث ما هو، وإن أريد بالحدث ما فسره أبو هريرة: فساء أو ضراط، لزم عليهم البول والبراز والمني والمذي إلى غيره ذلك.
وأما قوله:(فنزفه الدم فركع وسجد. . .) إلخ، فهو وارد على المذهبين لما فيه من تنجس الثياب أيضًا مع أنه يحتمل أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر بالإعادة إلا أن الراوي ترك ذكره، وأما ما قال:"ما زال المسلمون يصلون في جراحاتهم"، ففي الغير السائلة أو في حالة كونهم معذورين، وكذلك ما قال:"ليس في الدم وضوء" في غير السائلة، وأما إذا أخرج من البثور دمًا بعصرها فلأنه مخرج لا خارج فلا ينتقض الوضوء، وكذلك نقول في البزاق إن كان الدم مغلوبًا فيه فلا يلزم نقض الطهارة به، وأما قول الحسن وصاحبه: ليس عليه إلا غسل محاجمه، فالمعنى بذلك أنه لا يجب الغسل عليه بذلك، وإنما يكتفي فيه بغسل الموضع المتلطخ بالدم، وأما الوضوء فلا تعرض له فيه نفيًا ولا إثباتًا، وأما ما فيه من الروايات فحاصل استدلال المؤلف بها: أنه لم يذكر فيها غير ما ذكر، فعلم أن الطهارة لا تنتقض بغير المذكورات؛ لأن السكوت في محل البيان بيان، والجواب قد عرفت أن المفهوم لا يعتبر به، انتهى.