للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الباب لأجل هذا الحديث بباب عدم التوضؤ مما مسته النار كما فعله مالك وغيره من المحدِّثين؛ لأنه لا يدخل فيه عدم التوضؤ بعد أكل لحم الإبل، والحديث لا يدل على ذلك، بل الثابت بالحديث الآخر عن جابر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر بالوضوء، بعد أكل لحوم الإبل، والحكمة في إبقاء لزوم التوضؤ بعد أكل لحم الإبل زمانًا، ثم نسخه أن أهل المدينة كانوا قد أخذوا من اليهود حرمة الإبل وكانوا عليها وكانت طبائعهم اعتادت بها، فأمر رسول الله بأكل لحومها وأبقى حكم الوضوء بعد أكلها إلى زمان استئناسًا بهم ودفعًا للوحشة عنهم حتى يقبلوا الأحكام بالتدريج، انتهى.

قال الحافظ (١): ليس في حديث الباب ذكر السويق إلا أنه من باب الأولى؛ لأنه إذا لم يتوضأ من اللحم مع دسومته فعدمه من السويق أولى ولعله أشار بذلك إلى حديث الباب الذي بعده، انتهى.

والظاهر عندي: أن الباب الآتي جزء من هذا، فلا يشكل بذكر الكتف فيه كما سيأتي.

ثم ههنا مسألتان خلافيتان شهيرتان:

الأولى: مسألة الوضوء مما مست النار، وكان الخلاف فيها في السلف من الصحابة والتابعين معروفًا، ثم استقر الإجماع على أن لا وضوء مما مست النار، والخلاف فيه شاذ.

والمسألة الثانية: الوضوء من لحم الإبل، قال أحمد: بالوضوء منه خلافًا للأئمة الثلاث.

قال الحافظ: نص المصنف على لحم الشاة ليندرج ما هو مثلها وما دونها بالأولى، وأما ما فوقها فلعله يشير إلى استثناء لحوم الإبل؛ لأن من خصه من عموم الجواز علَّله بشدة دسومته، فلهذا لم يقيِّده بكونه مطبوخًا، وهو قول أحمد، انتهى مختصرًا.


(١) "فتح الباري" (١/ ٣١١).

<<  <  ج: ص:  >  >>