للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيمكن أن الإمام البخاري أشار إلى ذلك، فإن اغتسالهما معًا يلزم اغتسال كل منهما بفضل الآخر، والأوجه أن المصنف أشار بذلك إلى جواز نظر المرأة إلى عورة زوجها وعكسه.

قال الحافظ (١): واستدل بحديث الباب الداودي على جواز نظر الرجل إلى عورة امرأته وعكسه، ويؤيده ما رواه ابن حبان عن حديث عائشة: أنها سألت عن الرجل ينظر إلى فرج امرأته، فذكرت هذا الحديث بمعناه، وهو نص في المسألة، انتهى.

لكن يشكل عليه ما في "الشمائل" و"ابن ماجه" (٢) عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت: "ما نظرت إلى فرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قط"، وفي هامش "الخصائل": قال الحنفي: وفي رواية عنها: "ما رأيت منه ولا رأى مني" تعني: الفرج، وقال القاري في "جمع الوسائل" (٣): روى أبو صالح عن ابن عباس قال: قالت عائشة: "ما أتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أخذًا من نسائه إلا متقنعًا يرخي الثوب على رأسه، وما رأيت من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا رأى مني"، أورده ابن الجوزي في "كتاب الوفاء" نقلًا عن الخطيب، انتهى.

قلت: ويمكن الجمع بينهما بأن النفي للرؤية قصدًا، وأما رواية الإثبات فمحمولة على وقع النظر من غير قصد كما يكون في صورة الاغتسال معًا، ثم قال السندي (٤): قولها: "أغتسل أنا والنبي - صلى الله عليه وسلم -" دلالة هذا اللفظ على المعية ضعيفة، إذ واو العطف لا تدل على القران، واتحاد الإناء لا يقتضي اتحاد زمان الاغتسال، إلا أن تجعل الواو في قولها: "والنبي" للمعية لا العطف وهو بعيد، إذ التأكيد بالمنفصل يؤيد العطف وهو الأصل في الواو، إلا أن يقال: قد علم من سائر روايات الحديث أن الواقع كان هو المعية، فالاستدلال بالنظر إليه لا بالنظر إلى هذا اللفظ، فتأمل، انتهى.


(١) "فتح الباري" (١/ ٣٦٤).
(٢) "الشمائل" (ح: ٣٥٢)، و"سنن ابن ماجه" (ح: ٦٦٢).
(٣) "جمع الوسائل" (٢/ ١٧٥).
(٤) "حاشية السندي" (١/ ٥٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>