للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الحافظ: أشكل المناسبة قديمًا وحديثًا، فمنهم من نسب البخاري إلى الوهم فقال: رحم الله البخاري، من ذا الذي يسلم من الغلط، سبق إلى قلبه أن الحلاب طيب، وأي معنى للطيب قبل الغسل.

ومنهم من تأوّل الحلاب على غير المعروب في الرواية فقال: هو الجلاب بالجيم وشد اللام، هو ماء الورد، وتعقب بأنه خلاف الرواية، وبأنه لا معنى للطيب قبل الغسل.

ومنهم من تكلف في التأويل فقيل: لم يرد البخاري بالطيب ما له عرف طيب، وإنما أراد تطيب البدن بإزالة الوسخ، فمحصله إعداد ماء الغسل، ثم الشروع في تنظيف البدن.

وقيل: أشار البخاري إلى رد ما روي أنه عليه الصلاة والسلام كان يغسل رأسه بالخطمي، ويكتفي بذلك، فكأنه ترجم بجزئين وأثبت أحدهما ولم يثبت الآخر، وهذا هو الأصل التاسع والثلاثون، من أصول التراجم.

وقيل: أراد بالحلاب ظرف الطيب، و"أو" للتنويع، والمذكور في الحديث صفة التطيب بعد الاغتسال لا صفة الاغتسال، وهو توجيه حسن لظاهر ألفاظ البخاري، لكن جميع طرق الحديث يأبى ذلك، وأن في جميعها بيان صفة الاغتسال.

وقيل: أشار بالترجمة إلى حديث عائشة الآتي بعد سبعة أبواب بلفظ: "كنت أطيب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عند الإحرام"، الحديث، وفي بعض طرقه: "ثم طاف على نسائه"، ومن لازمه الاغتسال، فالترجمة بالتردد بين الحالتين، أي: بدأ بالحلاب، يعني: ماء الاغتسال وتارةً بالطيب كما في بعض الأحوال، وهذا أحسن الأجوبة عندي، انتهى ما في "الفتح" (١) مختصرًا.

وكتب شيخ المشايخ في "التراجم" (٢): أن للحلاب معنيين: أحدهما:


(١) "فتح الباري" (١/ ٣٦٩ - ٣٧١).
(٢) "شرح تراجم أبواب البخاري" (ص ١٠٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>