للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على هذه الأقوال في "الأوجز" (١)، وفيه: اعلم أن العلماء بعد ما أجمعوا على أن في المذي الوضوء دون الغسل، وعلى أن المذي نجس ولا خلاف فيهما لمن يعتد به، اختلفوا ها هنا في ثلاثة مسائل:

إحداها: الاكتفاء بالحجر، فلا يجوز عند بعض المحدثين، إذ قالوا: يتعين الماء لغسله، وقال عياض: اختلف أصحابنا في المذي هل يجزئ منه الاستجمار كالبول أو لا بد من الماء، انتهى.

وعندنا الحنفية يجوز الاكتفاء على الحجر كما صرح به في "البدائع" (٢) وغيره، وصححه النووي من الشافعية، وقال الحافظ (٣): وهو المعروف في المذهب، وكذلك الاكتفاء على الحجر هو رواية عن الإمام أحمد كما يظهر من كلام "المغني" (٤) و"الشرح الكبير".

والمسألة الثانية: هل يغسل موضع النجاسة فقط أو الذكر بتمامه فقط، وهو رواية عن المالكية كما في "الباجي"، أو مع الأنثيين أيضًا وهو رواية عن الحنابلة كما في "المغني"، والأول قول الجمهور كما قاله الحافظ.

والمسألة الثالثة: ما حكى الطحاوي عن بعضهم وجوب الغسل بمجرد خروج المذي، والجمهور أن حكمه حكم البول وغيره من نواقض الوضوء من عدم وجوب الوضوء على الفور، انتهى مختصرًا من "الأوجز" والبسط فيه.

ولعل الإمام البخاري أشار في الترجمة بلفظ: "والوضوء منه" إلى هذه المسألة الثالثة، واستدل الطحاوي للجمهور بحديث علي بلفظ: "فيه الوضوء وفي المني الغسل".


(١) "أوجز المسالك" (١/ ٤٧٣، ٤٧٤).
(٢) "بدائع الصنائع" (١/ ١٤٩).
(٣) "فتح الباري" (١/ ٣٨٠)، وانظر: "شرح صحيح مسلم" (٢/ ٢١٨).
(٤) "المغني" (١/ ٢٣٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>