للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حقيقة، كما في غُدد البواسير فإن الطهارة لا تنتقض بخروج شيء منها ما لم يسل؛ لأنها غير السبيلين، فالخارج منها ليس له حكم الخارج منها، بل هو خارج عن حكمها، وقاسوا على دم الاستحاضة كل ما هو خارج من غير السبيلين نجس، وجعلوا الخارج النجس من غير السبيلين ناقضًا للوضوء بهذا الحديث وأمثاله، غير أن قوله - صلى الله عليه وسلم - في جواب السائل ما الناقض؟: "كل ما خرج من السبيلين" أهدر التفاوت بين الكثير والقليل إبقاءً لكلمة ما على عمومها سيما وقد وصفت بصفة عامة، ولا كذلك فيما خرج من غير السبيلين، وليس هذا موضع تفصيله، انتهى.

وفي هامشه: ففي "الفتح الرحماني" عن "نهاية النهاية": أن مدخل الذكر هو مخرج الولد والمني والحيض، وفوقه مخرج البول كإحليل الرجل، وبينهما جلدة رقيقة وفوق مخرج البول جلدة رقيقة يقطع منها في الختان، كذا في "الأوجز" (١)، انتهى.

وفي هامش "اللامع" على قول الشيخ: "إن دم الاستحاضة دم عرق": تقدم في باب الاستحاضة من حديث عائشة أنه - صلى الله عليه وسلم - قال لفاطمة: "إنما ذلك عرق وليس بالحيضة" الحديث، وهو أوضح في المقصود، فإن الحيض في اللغة: السيلان، وفي الشرع: دم يخرج من قعر رحم المرأة بعد بلوغها في أوقات معدودة، والاستحاضة: الدم الخارج في غير أوقاته، ويسيل من عرق فمه في أدنى الرحم اسمه العاذل - بالذال المعجمة - انتهى.

وقال شيخ المشايخ في "التراجم" (٢): قوله: "ذلك عرق" قيل: معناه: إنه ليس دم الرحم حتى يوجب ترك الصلاة والصوم، بل هو دم عرق، فإن قيل: قد تقرر عند الأطباء أن دم الاستحاضة ينفض من الرحم أيضًا فما معنى قوله: "ذلك عرق"؟


(١) "أوجز المسالك" (١/ ٥٠٨).
(٢) "شرح تراجم أبواب البخاري" (ص ١٢٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>