للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلت: وثبت أيضًا من الحديث الثاني أنها فرضت أولًا ركعتين، ثم استقر الأمر على الأربع.

قال الحافظ (١): استفتح كتاب الصلاة بذكر فرضيتها لتعين وقته دون غيره من أركان الإسلام، انتهى.

والأجه عندي: أن الإمام البخاري أشار إلى مبدأ الفرضية كما هو دأبه في أكثر أحكام الإسلام، وصرَّح ههنا بمبدأ الفرضية نصًّا دون إشارة لثبوته بحديث المعراج نصًا، ولفظ الترجمة نص في أن الإمام البخاري ذهب إلى أن المعراج كان في ليلة الإسراء والخلاف فيه مشهور، ولذا جمعهما في باب واحد، ولمَّا كان المقصود في أبواب السير ذكر الأحوال فصلهما في بابين كما سيأتي قبيل باب الهجرة.

قال الحافظ (٢): هذا مصير من المصنف إلى أن المعراج كان في ليلة الإسراء، وقد وقع في ذلك اختلاف، فقيل: كانا في ليلة واحدة في يقظته - صلى الله عليه وسلم -، وهذا هو المشهور عند الجمهور، وقيل: كانا جميعًا في ليلة واحدة في منامه، وقيل: وقعا جميعًا مرتين في ليلتين مختلفتين، إحداهما: يقظة، والأخرى: منامًا، وقيل غير ذلك، والحكمة في وقوع فرض الصلاة ليلة المعراج أنه لما قدس ظاهرًا وباطنًا حين غسل بماء زمزم بالإيمان والحكمة، ومن شأن الصلاة أن يتقدمها الطهور ناسب ذلك أن تفرض الصلاة في تلك الحالة، وليظهر شرفه في الملأ الأعلى ويصلي بمن سكنه من الأنبياء وبالملائكة وليناجي ربه، ومن ثم كان المصلي يناجي ربه جل وعلا، انتهى.

قوله: (وقال ابن عباس) كتب شيخ المشايخ في "تراجمه" (٣): مناسبة مع ترجمة الباب باعتبار أن فرضية الصلاة كانت في أول الإسلام حتى


(١) "فتح الباري" (١/ ٤٥٨).
(٢) "فتح الباري" (١/ ٤٥٩).
(٣) "شرح تراجم أبواب البخاري" (ص ١٤٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>