للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من قوله - صلى الله عليه وسلم -: "جعلت لي الأرض مسجدًا وطهورًا" تخصيص الصلاة بالأرض، فأراد إثبات جوازها على غير الأرض، ولا يقال: إن هذا الغرض حصل بالترجمتين السابقتين؛ لأن فيهما كان احتمال التخصيص بالحصير والخمرة، وهذا تعميم بعد تخصيص، وتقدم في البابين المذكورين وجه تخصيصهما بالترجمة.

وفي "المغني" (١): لا بأس بالصلاة على الحصير، والبسط من الصوف والشعر وسائر الطاهرات، وهو قول عوام أهل العلم، إلا ما روي عن جابر، أنه كره الصلاة على كل شيء من الحيوان، واستحب الصلاة على كل شيء من نبات الأرض، ونحوه قال مالك، إلا أنه قال في بساط الصوف والشعر: إذا كان سجوده على الأرض لم أر بالقيام عليه بأسًا، والصحيح: أنه لا بأس بالصلاة على شيء من ذلك، انتهى مختصرًا.

قال البجيرمي: وما نقل عن مالك هو غير مشهور عند المالكية، فلعل الإمام رجع عنه أو لا يذكرونه لضعفه، انتهى.

وتقدم عن عمر بن عبد العزيز أنه كان يسجد على التراب، انتهى.

وفي هامش "اللامع" (٢) مختصرًا، وترجم الإمام الترمذي هذه التراجم الثلاثة على نحو ما ترجم بها البخاري تقدم ذكر الترجمتين سابقًا، وأما الثالثة فبوَّب بلفظ: "باب ما جاء في الصلاة على البسط".

وكتب الشيخ عليه في "الكوكب" (٣): اعلم أن كل الأئمة سوى مالك جوَّز الصلاة على كل شيء طاهر يمكن السجود عليه، وأما مالك فلم يجوِّز إلا على ما هو من جنس الأرض كالحصير، فلا تجوز الصلاة على الجلود والصوف ومثل ذلك، ثم اعلم أن من قاعدة المحدثين أنهم لا يحملون المقيد على المطلق فيما ورد بلفظين كالحصير، فإنه ورد ههنا بلفظ البساط،


(١) "المغني" (٢/ ٤٧٩).
(٢) انظر: "لامع الدراري" (٢/ ٣٥٩).
(٣) "الكوكب الدري" (١/ ٣٢٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>