للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وغيرها، والأوجه عندي: أن قوله: "إذا صلاهن لوقتهن" ليس بفارق بين الترجمة؛ لأن هذا القيد وإن لم يذكر فيما سبق نصًا، لكنه ملحوظ معنى لذكره إياها في كتاب المواقيت وإلا لم يبق لذكره وجه ههنا، فالغرض عندي بهذه الترجمة أن الصلاة مكفرة سواء صليت بالجماعة أو بغيرها، وعلى هذا فالفرق واضح.

والبحث الثاني: أن تمثيله - صلى الله عليه وسلم - بالغسل في النهر ظاهره غسل جميع الخطايا سواء كانت صغيرة أو كبيرة، واتفقوا على أن أمثال هذه الأحاديث مقيَّدة بالصغائر للنصوص الأخر من القرآن والأحاديث خلافًا للمرجئة فعندهم أفعال الخير مكفرة للصغائر والكبائر.

وأجاد الشيخ قُدِّس سرُّه في "الكوكب" (١) الكلام عليه، وحاصله: أن مراتب الغسل متفاوته جدًا، فمن غاسل ليس له غير سقوط الفرض لو جنبًا، وغير البرد لو طاهرًا، أو من غاسل يهتم باغتساله بالصابون وغيره، وآخر منهم يدخل الحمام فلا يخرج منه في أقل من نصف يوم؛ أفتراهم تساووا في تحصيل النظافة لا والله، انتهى.

يعني: فكذلك بالوضوء تحصل الدرجة الأولى، وبالصلاة معه الدرجة الثانية وبالتوبة الدرجة الثالثة، وأجاب عنه السندي (٢) بجواب آخر وهو لطيف جدًا.

وحاصله: أن أثر الصغائر يكون على ظاهر البدن كما يدل عليه حديث خروج المعاصي عن أعضاء الوضوء وأثر الكبائر يكون على الباطن كما في حديث الآخر: "أن المؤمن إذا ارتكب معصية تحصل في قلبه نقطة سوداء" فكما أن الغسل يذهب بدرن الظاهر دون الباطن، فكذلك الصلاة تكفِّر، ويمكن عندي أن يجاب عنه ثالثًا أن الدرن ولو كان على ظاهر البدن


(١) انظر: "الكوكب الدري" (٣/ ٤٥٩).
(٢) انظر: "حاشية السندي على صحيح البخاري" (١/ ١٠٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>