للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من إطلاق النهي في الصلاتين معًا، وكذا التحري ورد فيهما معًا، فكيف غاير الإمام، وتنبه لذلك السندي (١) لكنه سعى باتحاد الترجمتين إذ قال: أما التحري فلعل المراد منه مطلق القصد إلى الوقتين لأجل إيقاع الصلاة فيهما بناء على أن الصلاة فعل اختياري، فمن يفعلها فيهما يقصدهما لأجلها فتوافقت الأحاديث على إطلاق النهي إلى أن قال: وعلى هذا فذكر التحري في أحد البابين دون الآخر إما لمجرد التفنن أو للدلالة على أن التحري لا دخل له في الخصوص، ويمكن أن يقال: ذكر التحري في العصر؛ لأن العصر ورد فيها أنه - صلى الله عليه وسلم - صلى بعدها بخلاف الفجر، لكن هذا لا يناسب بالأحاديث؛ فإنها في الباب سواء، انتهى.

وما يظهر لهذا المبتلى بالسيئات أن المصنف فرَّق بين الترجمتين عمدًا وقصدًا لدقة نظره وعموم اجتهاده؛ لأن الصبح لم يرد فيها على شرط البخاري ما يغاير النهي نصًا بخلاف النهي بعد العصر، فإنه صح عند البخاري فيه ما ينافي إطلاق النهي كما سيأتي قريبًا في "باب ما يصلي بعد العصر" فأطلق المؤلف في الصبح، وقيَّد النهي بعد العصر بالتحري جمعًا بين الروايات، وإشارة إلى أن الراجح عنده في الصبح مسلك الجمهور في إطلاق النهي، وترجح عنده في العصر مسلك بعض الظاهرية أن النهي مقيد بالتحري.

قال الحافظ (٢): لا تكره الصلاة بعد الصبح والعصر إلا لمن قصد بصلاته طلوع الشمس وغروبها، وإلى ذلك جنح بعض أهل الظاهر وقوَّاه ابن المنذر، انتهى.

ويرد على المؤلف إيراد روايات التحري في الباب الأول وإيراد روايات الإطلاق في الباب الثاني، والجواب عنه واضح، وهو أنه أشار


(١) "حاشية السندي على صحيح البخاري" (١/ ١١٠).
(٢) "فتح الباري" (٢/ ٦٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>