للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي هامشه: ظاهر كلام الشيخ أنه حمل البابين على الجواز والكراهة وهو ظاهر سياق البابين لأنه ذكر في الأول رفع البصر إلى الإمام وفي الثاني رفعه إلى السماء على منوال واحد، ولما ذكر في الأول روايات الإباحة وفي الثاني روايات الكراهة، فكلام الشيخ قُدِّس سرُّه واضح جدًا.

لكن الأوجه عندي: أن الإمام البخاري أشار في الباب الأول إلى مسألة خلافية، لكونها أجدر بتراجم البخاري، وهي ما قال الحافظ (١): قال ابن بطال: فيه حجة لمالك أن نظر المصلي يكون إلى جهة القبلة، وقال الشافعي والكوفيون: يستحب أن ينظر إلى موضع سجوده؛ لأنه أقرب إلى الخشوع، انتهى. وهو مذهب أحمد كما في "المغني".

وأما المسألة الثانية، وهي التي أشار إليها بالباب الثاني وهي النظر إلى السماء فقد قال ابن بطال: أجمعوا على كراهة رفع البصر في الصلاة، واختلفوا فيه خارج الصلاة في الدعاء فكرهه شريح وطائفة وأجازه الأكثرون.

قال الحافظ (٢): وأفرط ابن حزم فقال: تبطل الصلاة إلى آخر ما بسط في هامش "اللامع". وفي "تراجم شيخ المشايخ" (٣): عقد هذا الباب لما تقرر أن الأولى أن ينظر المصلي في صلاته إلى موضع سجوده ومع ذلك لو رأى إلى إمامه ولم ينظر إلى ذلك الموضع لم تفسد عليه صلاته، والحديث المعلق مناسبته بترجمة الباب باعتبار أنه يدل على أنه - صلى الله عليه وسلم - نظر قدامه في صلاته، ولم ينظر إلى موضع سجوده، فيقاس عليه المأموم إذا نظر إلى إمامه، وقد مرَّ غير مرة أن البخاري ربما يعقد الترجمة لأمر خاص من بين العام مع أن مراده إثبات ذلك العام، انتهى مختصرًا، وهذا هو الأصل الثامن عشر من أصول التراجم.


(١) "فتح الباري" (٢/ ٢٣٢).
(٢) "فتح الباري" (٢/ ٢٣٤).
(٣) "شرح تراجم أبواب البخاري" (ص ٢٣٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>