للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإمام فيأتي بهما عند الشافعي وأحمد وأبي يوسف ومحمد.

وقال أبو حنيفة ومالك: يأتي الإمام بالتسميع فقط، وأما المؤتم فيأتي بالتحميد فقط عند الجمهور خلافًا للشافعي، إذ قال: يجمع بينهما، فإذا وضح ذلك فعامة الشرَّاح على أن الإمام البخاري وافق الشافعي في ذلك في أن الإمام والمؤتم كل واحد منهما يجمع بينهما، ويرد على ذلك أنه ليس في الحديث ذكر المؤتم فأجابوا عنه بوجوه.

قال الكرماني (١): دلالة الحديث عليه بانضمام "صلوا كما رأيتموني أصلي".

وقال الحافظ (٢): أجاب عنه ابن رُشيد بأنه أشار إلى التذكير بالمقدمات لتكون الأحاديث عند الاستنباط نصب عيني المستنبط، فقد تقدم حديث "إنما جعل الإمام ليؤتم به" وحديث "صلوا كما رأيتموني أصلي"، ويمكن أن يكون قاس المأموم على الإمام لكن فيه ضعف، انتهى.

والأوجه عند هذا العبد الضعيف: أن الباب الآتي وهو "باب فضل اللَّهم ربنا ولك الحمد" جزء من الباب السابق على الأصل السادس من أصول التراجم، فحينئذ لا يرد أصلًا أنه لم يذكر في الباب ما يقول المؤتم، ويؤيد ذلك أن الحافظ قال أولًا في "باب فضل اللَّهم ربنا لك الحمد": ثبت لفظ باب عند من عدا أبا ذر والأصيلي، والراجح حذفه، انتهى.

فيكون مسلك الإمام البخاري في الإمام الجمع بينهما على مسلك الشافعي ومن وافقه، وأما المؤتم فيأتي بالتحميد فقط على مسلك الجمهور خلافًا للشافعي، وعلى هذا يناسب ذكر الباب الثالث بابًا بلا ترجمة أيضًا؛ لأنه لا تعلق له بفضل التحميد، لكن له تعلقًا ظاهرًا بباب ما يقول الإمام ومن خلفه في القومة، فكأن الإمام البخاري ذكر أولًا ما يقوله الإمام


(١) "شرح الكرماني" (٥/ ١٥٢).
(٢) "فتح الباري" (٢/ ٢٨٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>