للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: (أحيانًا يجمع. . .) إلخ، في تقرير المكي: أي: يأتي إلى جامع البصرة فيصلي الجمعة فيها، (وأحيانًا لا يجمع) أي: لا يأتي إلى جامع البصرة فلا يصلي الجمعة فيها، أو معناه: أحيانًا يصلي الجمعة في قصره، وأحيانًا لا يصلي الجمعة في قصره، قال: ومراد البخاري المعنى الأول دون الثاني، انتهى.

قلت: وذلك لأن تبويب البخاري بلفظ: "من أين تؤتى الجمعة" يوافق المعنى الأول دون المعنى الثاني، ثم كتب في هامش تقريره: فاعلم أن الجمعة ليست بواجبة في القرى عندنا، خلافًا للشافعي.

فإن قيل: الجمعة لا تجوز أصلًا، فكيف صلّاها أنس في قصره في الزاوية؟

قلنا: جواز الجمعة في القرى كان مذهب أنس على خلاف مذهبنا، وكذا على خلاف مذهب الشافعي، وهو وجوبها في القرى، ثم الحديث ساكت من أنه صلّى الظهر في قصره، أو صلّى الجمعة في قصره، فإن كان الأول ثبت مذهبنا، وهو عدم وجوب الجمعة، وإن كان الثاني ثبت مذهب الشافعي وهو وجوبها في القرى، انتهى.

وهذا من غاية سماحة الشيخ رعايةً لمذهب الشافعية، وإلا فظاهر أثر أنس يوافق الحنفية قطعًا كما يدل عليه تبويب البخاري "من أين تؤتى الجمعة"، وإلا فإن كان أنس يصلي الجمعة في قصره لا يصح إيراد الإمام البخاري هذا الأثر في هذا الباب، فإن معناه قطعًا أن أنسًا قد يحضر الجمعة في البصرة تحصيلًا لمزيد الأجر والمثوبة، وقد لا يحضر لعدم وجوبها في القرى، وهذا واضح وخالٍ عن الإيرادات التي أشار إليها الشيخ في كلامه، انتهى (١).


(١) انظر: "لامع الدراري" (٤/ ٤٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>