للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مجتمعين رافعين أصواتهم، ما كان ذلك على عهده عليه الصلاة والسلام، بل كان يؤذن هناك مؤذن واحد، وأما ما صار معمول الناس بعدُ فمن البدعات الحسنة، وأصله مأخوذ من أمره - صلى الله عليه وسلم - لعبد الله بن زيد أن يلقي على بلال، فنادى كل منهما بصوته رافعًا فاحفظ، انتهى.

كتب الشيخ في "اللامع" (١): استحسن العلماء تعدد المؤذنين عند الضرورة، انتهى.

وفي هامشه: أشار بهذه الترجمة إلى الرد على من قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا رقى المنبر وجلس أذّن المؤذنون وكانوا ثلاثة، واحد بعد واحد، فإذا فرغ الثالث قام فخطب، وممن قال به ابن حبيب (٢)، انتهى.

قلت: هذا أوجه مما قاله شيخ الإسلام في شرحه: إن الغرض دفع توهم كون الأذان الثالث في زمنه - صلى الله عليه وسلم -، بل كان من زمن عثمان، انتهى. وأنت خبير بأن هذا المعنى قد ظهر من الباب السابق نصًا، فلا وجه لتوهمه.

ومسألة تعدد المؤذنين بسطت في "الأوجز" (٣)، وحاصل ما فيه: إذا أذّن اثنان معًا فمنعه قوم، وقال الشافعية: لا يكره إلّا إن حصل منه تهوش، وقال الموفق (٤): لا يستحب الزيادة على المؤذنين إلا للحاجة، انتهى.

وفي "الهداية" (٥): إذا أذّن المؤذنون، قال في هامشه: المؤذنون بلفظ الجمع إخراجًا للكلام مخرج العادة، فإن المتوارَث في أذان الجمعة اجتماع المؤذنين ليبلغ أصواتهم إلى أطراف المصر، وفي "السعاية" (٦) عن ابن عابدين: لا خصوصية للجمعة، إذ الفروض الخمسة تحتاج إلى الإعلام، انتهى مختصرًا.


(١) "لامع الدراري" (٤/ ٥٩).
(٢) انظر: "عمدة القاري" (٥/ ٧٤).
(٣) "أوجز المسالك" (٢/ ١٧).
(٤) "المغني" (٢/ ٨٩).
(٥) "الهداية" (٢/ ١١٩).
(٦) "السعاية" (٢/ ٣٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>