للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بعض ما ورد به النص، فكانوا خاطئين في الاجتهاد، فوقعت صلاتهم حسبما أدّى إليه رأيهم، انتهى.

قلت: هو كذلك، فإني لم أجد في الشروح قصة صلاتِه مفصلةً إلّا ما قال العيني عن ابن بطال (١) أنه قال: طلبت قصة شرحبيل بتمامها لأتبيَّن هل كانوا طالبين أو مطلوبين؟. . . إلى آخر ما ذكر في هامش "اللامع".

قلت: إن كانوا مطلوبين، فالجزء الثاني من الترجمة ثابتة نصًّا، وإلّا فبالأولوية.

قوله: (لا يصلِّيَنَّ أحد العصر إلّا في بني قريظة) قال الحافظ (٢): قيل في الاستدلال بأن بعضهم أخّروا الصلاة، فلما سوّغ لهم التأخير عن الوقت المفروض ساغ لهم ترك إتمام الأركان والانتقال إلى الإيماء. وقيل: صلى بعضهم على الدّوابِّ، وهذا لو ثبت لكان أبين في الاستدلال. قال الحافظ: لم أر في رواية التصريح بصلاتهم راكبًا، انتهى.

قلت: وأيضًا لا يوافق مذهب أحد؛ لأن الذين أباحوا صلاة الطالب راكبًا قيدوا الإباحة بخوف فوت العدو كما قال به الأوزاعي ومالك وأحمد في رواية، أو الانقطاع عن الرفقة كما قال به الشافعي، ولا يوجد شيء من ذلك ههنا.

ثم لا يذهب عليك أن في الحديث إشكالًا قويًّا، وهو أنه وقع ههنا بلفظ: "العصر"، وهكذا وقع في جميع النسخ عند البخاري، ووقع في جميع النسخ عند مسلم "الظهر" مع اتحاد سندهما، وقد وافق مسلمًا أبو يعلى وآخرون، وأما أصحاب المغازي فاتفقوا على أنها العصر، وبسط الحافظ (٣) في نقل كلامهم، وقد جمع بعض العلماء باحتمال أن بعضهم قبل الأمر كان صلى الظهر وبعضهم لم يصلِّها، فقيل للثاني ما في مسلم،


(١) "عمدة القاري" (٥/ ١٤٦)، و"شرح صحيح البخاري" لابن بطال (٢/ ٥٤٤).
(٢) "فتح الباري" (٢/ ٤٣٧).
(٣) "فتح الباري" (٧/ ٤٠٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>