للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وطريق، ولذلك نرى أنه يعقد الأبواب والتراجم بحسب ما يظهر له في الحديث من النواحي الفكرية والقضايا العلمية، ويذكر حديثًا واحدًا تحت تراجم وأبواب عديدة، وفق ما بدا له في حديث واحد من الدلالات المنوّعة والمعاني اللطيفة، لذلك نراه أنه يذكر حديثًا واحدًا في مواضع متعددة من الجامع الصحيح، وتحت أبواب وتراجم مختلفة.

وما هذا إلا على سبيل الذكر فحسب، فإن علماء الهند وغيرهم ممن كان لهم شغف كبير بدراسة وتدريس الجامع الصحيح للبخاري ألَّفوا شروحًا للجامع الصحيح مع الإشارة إلى أسرار الأبواب والتراجم للبخاري، ضمن الأبواب والتراجم.

هذا، والموضوع يتطلب التعمق في معاني الحديث ومفاهيم السُّنَّة النبوية، ويفرض على كل شخص يريد أن يبدي آراءه حول الأبواب والتراجم للبخاري، أن يكون على جانب كبير من التذوق والمناسبة الكاملة لدراسة وتدريس علوم النبوة وشرح مفاهيم السُّنَّة السَّنِيَّة.

وقد كان شيخنا الجليل علَّامة الهند المحدث الشهير، حضرة شيخنا محمد زكريا بن محمد يحيى الكاندهلوي - صاحب "أوجز المسالك إلى موطأ الإمام مالك"، ومؤلفات كثيرة أخرى، مما يتصل بموضوع الحديث، والتحقيق والتعليق لكتب الحديث ودواوينه - أكرمه الله تعالى بالتوفيق الكامل لدراسة وتدريس "الجامع الصحيح" للبخاري إلى حد أنه تفانى في خدمة أحاديث النبي - صلى الله عليه وسلم - دراسة وتدريسًا وتعليقًا وشرحًا، وبيانًا، فكان ممن يُشد إليه الرحال لقراءة الحديث الشريف عليه، والحصول على الإجازة منه في رواية الحديث.

ثم لما سافر إلى المدينة المنوَّرة للاستنشاق من رياحها وعطرها الذي يملؤ الأجواء؛ جاء إليه العلماء وتلاميذ الأحاديث النبوية الشريفة لكي يتمتعوا برؤية محيَّاه والاستغراف من بحر العلم الذي يموج في جوانبه، ومن حبِّ النبي - صلى الله عليه وسلم - الذي يشغل قلبه، ومن المعرفة والإحسان - «الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك» - الذي يمثله بظاهره

<<  <  ج: ص:  >  >>