للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وباطنه، وكلما رأيته أنا شخصيًّا ذكرت ما جاء في صفة النبي - صلى الله عليه وسلم -: "من رآه بديهة هابه، ومن خالطه معرفة أحبَّه"، ولقد ألهم الله في قلبه أثناء إقامته في مدينة الرسول - صلى الله عليه وسلم - تكميل "كتاب حجة الوداع وعمرات النبي - صلى الله عليه وسلم -"، كما خطر بباله أن يعيد النظر على ما كان ألقاه على تلاميذه أيام تدريس الجامع الصحيح للبخاري حول تراجمه، فأتمَّ الله - سبحانه وتعالى - بمجرد فضله ونعمته هذين الكتابين، وطُبعا في تلكم الأيام، وقد كان من حسن حظي أن الله سبحانه وتعالى أسعدني وشرفني بطبع هذين الكتابين في مطابع ندوة العلماء بحروف حديدية واضحة جميلة.

إن كتاب "الأبواب والتراجم للبخاري" تم طبعه في عام ١٣٩١ هـ، الموافق ١٩٧١ م، ونال إعجاب العلماء والمحدثين في الهند وخارجها، ذاك أنه يحتوي على الأبواب والتراجم التي عقدها الإمام البخاري في الجامع الصحيح لغايات مهمة قد لا يتفطن إليها القارئ ما لم يتعمق في دراستها، وفي الإتيان بحديث واحد تحت أبواب وتراجم متعددة.

ولبيان أهمية الموضوع يسعدني أن أقتطف عبارة لشيخنا العلامة المحدث الكبير، والمربِّي الجليل، الإمام محمد زكريا بن يحيى الكاندهلوي من خلال ما كتب في هذا الكتاب في بيان التراجم فقال:

"إن موضوع التراجم من أهم مقاصد الإمام البخاري في صحيحه، حتى أجمع العلماء كلهم سلفًا وخلفًا أن معظم مقصود البخاري في صحيحه مع الاهتمام بصحة الأحاديث: استخراج المعاني الكثيرة من المتون؛ ولذا كرر الأحاديث في كتابه في الأبواب المختلفة، وذكر بعضًا من الأحاديث أكثر من عشرين مرة؛ كحديث عائشة في قصة بريرة وغير ذلك، وفي الكثرة على العشرة كثيرة، ولذا اشتهر قول جمع من العلماء: فقه البخاري في تراجمه.

وسيأتي في الفائدة الثانية عن الكرماني أن هذا قسم عجز عنه الفحول البوازل من الأعصار، والعلماء الأفاضل من الأمصار، فتركوها بأعذار، ولذلك اهتم جمع من السلف والخلف ببيان تراجمه وأفردوا لها التصانيف واجتهدوا في بيان المناسبات وإبداء الاحتمالات الكثيرة في التراجم.

<<  <  ج: ص:  >  >>