للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الحافظ: "وهذه (١) قاعدة حسنة يُفزع إليها؛ حيث يتعسر وجه الجمع بين الترجمة والحديث، وهي مواضع قليلة جدًا.

ثم ظهر لي أن البخاري مع ذلك فيما يورده من تراجم الأبواب على أطوار، إن وجد حديثًا يناسب ذلك الباب ولو على وجه خفي، ووافق شرطه، أورده فيه بالصيغة التي جعلها مصطلحة لموضوع كتابه، وهي "حدثنا" وما قام مقام ذلك، و"العنعنة" بشرطها عنده، وإن لم يجد فيه إلا حديثًا لا يوافق شرطه مع صلاحيته للحجة كتبه في الباب مغايرًا للصيغة التي يسوق بها ما هو من شرطه، ومن ثَمَّ أورد التعاليق، وإن لم يجد فيه حديثًا صحيحًا لا على شرطه ولا على شرط غيره، وكان مما يُستأنس به ويقدمه قوم على القياس استعمل لفظ ذلك ومعناه ترجمةَ باب، ثم أورد في ذلك إما آية من كتاب الله تشهد له، أو حديثًا يؤيد عموم ما دل على ذلك الخبر.

وعلى هذا فالأحاديث التي فيه على ثلاثة أقسام، وسيأتي تفصيل ذلك مشروحًا.

ثم قال بعيد ذلك (٢):

"ولنذكر ضابطًا يشتمل على بيان أنواع التراجم فيه، وهي: ظاهرة وخفية.

أما الظاهرة:

فليس ذكرها من غرضنا هنا، وهي أن تكون الترجمة دالَّة بالمطابقة لما يورد في مضمنها، وإنما فائدتها الإعلام بما ورد في ذلك الباب من غير اعتبار لمقدار تلك الفائدة، كأنه يقول: هذا الباب الذي فيه كيت وكيت، أو باب ذكر الدليل على الحكم الفلاني مثلًا.


(١) قلت: وأورد عليها القسطلاني في "مقدمة شرحه" (١/ ٤٣) إذ قال: وهذا الذي قاله الباجي فيه نظر من حيث إن الكتاب قرئ على مؤلفه، ولا ريب أنه لم يقرأ عليه إلا مرتبًا مبوبًا، فالعبرة بالرواية لا بالمسوَّدة التي ذكر صفتها، وسيأتي كلام الباجي هذا في الفائدة الرابعة أيضًا، (ز).
(٢) "هدي الساري" (ص ١٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>