للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وحكى كلامَ الحافظِ هذا القسطلانيُّ في مقدمته، سواء مع التغيير في حرف أو زيادة قول نبهت عليهما في الحاشية، زاد القسطلاني في آخره (١): "وللغفلة عن هذه المقاصد الدقيقة اعتقد من لم يمعن النظر أنه ترك الكتاب بلا تبييض (٢)، وبالجملة فتراجمه حيَّرت الأفكار، وأدهشت العقول والأبصار، ولقد أجاد القائل:

أعيا فحول العلم حل رموز ما … أبداه في الأبواب من أسرار

وإنما بلَغَت هذه المرتبة، وفازت بهذه المنقبة، لما روي أنه بيَّضها بين قبر النبي - صلى الله عليه وسلم - ومنبره، وأنه كان يصلي لكل ترجمة ركعتين"، انتهى.

وقال السندي (٣) في أول "شرحه":

اعلم أن تراجم "الصحيح" على قسمين:

قسم يذكره للاستدلال بحديث الباب عليه.

وقسم يذكره ليجعل كالشرح لحديث الباب، ويبين به محمل حديث الباب مثلًا، لكون حديث الباب مطلقًا قد عُلم تقييده بأحاديث أخر، فيأتي بالترجمة مقيدة، لا ليستدل عليها بالحديث المطلق، بل ليبين أن محمل الحديث هو المقيد، فصارت الترجمة كالشرح للحديث (٤)، والشرَّاح جعلوا الأحاديث كلها دلائل لما في الترجمة، فأشكل عليهم الأمر في مواضع، ولو جعلوا بعض التراجم كالشرح خلصوا عن الإشكال في مواضع.

وأيضًا كثيرًا ما يذكر بعد الترجمة آثارًا لأدنى خاصية بالباب (٥)، وكثير من الشرَّاح يرونها دلائل للترجمة فيأتون بتكلُّفات باردة لتصحيح الاستدلال


(١) "إرشاد الساري" (١/ ٤٥).
(٢) في الأصل: "بلا تمييز"، والتصويب من القسطلاني.
(٣) "حاشية السندي على صحيح البخاري" (١/ ٥).
(٤) هو الأصل الثالث والعشرون من الأصول الآتية في الفائدة الثالثة، (ز).
(٥) هذا هو الأصل الرابع والعشرون، (ز).

<<  <  ج: ص:  >  >>