للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واعلم أن الركاز عندنا الحنفية عام يطلق على الدفن وعلى المخلوق في الأرض. نعم، المعدن والكنز متقابلان، فالمعدن ما خلق في الأرض، والكنز ما دفن فيها، والخمس عندنا في كليهما، إلا في دفائن أهل الإسلام، فإن حكمها حكم اللقطة. وقال الشافعي: الركاز هو الدفين، ولا خمس عنده في المعدن، واحتج بقوله - صلى الله عليه وسلم -: "المعدن جبار، وفي الركاز الخمس" فإنه صريح في كون المعدن غير الركاز، فهما شيئان، والوجه عندنا: أنه إذا حكم على المعدن بكونه جبارًا توهم منه كون المال الخارج منه أيضًا جبارًا، لا شيء فيه، فقال: "وفي الركاز الخمس" ففي الأول بيان لحكم المحل، أي: إن حفره أحد فمات فيه لا شيء له، وفي الثاني بيان للحال، أي: ما خرج منه، وإنما لم يكتف بالضمير تعميمًا للمسألة، فإن الركاز عام كما علمته، كذا في "الفيض" (١)، ففي المعدن عنده، أي: الشافعي وكذا عند مالك وأحمد الزكاة دون الخمس، وعندنا الحنفية في كليهما الخمس، كما بسط في "هامش اللامع".

وقال القسطلاني (٢): قوله: "وقال مالك" هو ابن أنس إمام دار الهجرة، "وابن إدريس" هو الشافعي الإمام الأعظم صاحب المذهب كما جزم به أبو زيد المروزي أحد الرواة عن الفربري، وتابعه البيهقي، وقيل: المراد بابن إدريس عبد الله بن إدريس الأودي الكوفي.

(في قليله وكثيره الخمس) وهذا قول أبي حنيفة ومالك وأحمد، وبه قال إمامنا الشافعي في القديم، وشرط في الجديد النصاب ولا تجب الزكاة فيما دونه إلا إذا كان في ملكه من جنس النقد الموجود، انتهى من القسطلاني.

قوله: (وقال الحسن. . .) إلخ، كتب الشيخ في "اللامع" (٣): وذلك لأنه


(١) "فيض الباري" (٣/ ٥٣).
(٢) "إرشاد الساري" (٣/ ٧١٩).
(٣) "لامع الدراري" (٥/ ١٠٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>