للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أو أمر، أو نهى، أو شبه ذلك من صيغ الجزم، وكذا لا يقال: روى أبو هريرة، أو ذكر، أو قال شبه ذلك، وكذا لا يقال ذلك في التابعين ومن بعدهم فيما كان ضعيفًا، فلا يقال شيء من ذلك بصيغة الجزم، وإنما يقال في الضعيف بصيغة التمريض، فيقال: روي عنه، أو نُقِلَ، أو ذُكِرَ، أو يُروى، أو يحكى، أو جاء عنه، أو بلغنا عنه.

قالوا: وإذا كان الحديث أو غيره صحيحًا أو حسنًا، عيّن المضاف إليه بصيغة الجزم، ودليل ذلك: أن صيغة الجزم تقتضي صحته عن المضاف إليه، فلا يطلق إلا على ما صح وإلا فيكون في معنى الكاذب.

وهذا التفصيل مما يتركه كثير من المصنفين في الفقه والحديث وغيرهما، وقد اشتد إنكار الإمام البيهقي فيمن خالف هذا من العلماء: هذا التساهل من فاعله قبيح جدًا، فإنهم يقولون في الصحيح بصيغة التمريض، وفي الضعيف بالجزم، وهذا حيدٌ عن الصواب.

وقد اعتنى البخاري - رحمه الله - بهذا التفصيل في "صحيحه"، فيقول في الترجمة الواحدة بعض كلامه بتمريض، وبعضه بجزم، مراعيًا ما ذكرنا، وهذا مما يزيدك اعتقادًا في جلالته وتحرِّيه، وورعه واطلاعه، وتحقيقه وإتقانه، انتهى.

قلت: هذا هو المعروف في عامة الشروح، لكن الحافظ في "مقدمته" (١) بسط الكلام على ذلك الأصل بسطًا كثيرًا لا يسعه هذا المختصر، وذكر عدة أمثلة للأنواع المختلفة من الجزم والتمريض، وبسط الكلام عليهما.


(١) انظر: (ص ١٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>