للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال في "باب الرجل يأتم بالإمام" (١): قوله: ويذكر عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: "ائتموا بي"، الحديث، هذا طرف من حديث أبي سعيد الخدري قال: "رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في أصحابه تأخرًا. . ." الحديث، أخرجه مسلم وأصحاب السنن (٢)، قيل: وإنما ذكره البخاري بصيغة التمريض؛ لأن أبا نضرة ليس على شرطه لضعف فيه.

وهذا عندي ليس بصواب، لأنه لا يلزم من كونه على شرطه أنه لا يصلح عنده للاحتجاج به، بل قد يكون صالحًا للاحتجاج به عنده، وليس هو على شرط "صحيحه" الذي هو أعلى شروط الصحة. والحق أن هذه الصيغة لا تختص بالضعيف، بل قد تستعمل في الصحيح أيضًا، بخلاف صيغة الجزم، فإنها لا تستعمل إلا في الصحيح، انتهى.

وتعقب العيني إذ قال (٣): قال الكرماني: "ويُذكر" تعليق بلفظ التمريض. . .، ثم ذكر العيني قول الحافظ، ثم قال: قلت: وهذا الذي ذكره يخرم قاعدته؛ لأنه إذا لم يكن على شرطه كيف يحتج به؟ وإلا فلا فائدة لذلك الشرط، إلى آخر ما ذكره.

والجملة أن المعروف عند الشرَّاح ما يذكره البخاري بصيغة التمريض إشارة إلى ضعفه، ولا أقل من أنه إشارة إلى أنه ليس على شرطه.

وأخذ الحافظ أيضًا بهذا الأصل في مواضع من شرحه، قال في "باب الجمع بين السورتين في ركعة" في قوله: "ويُذكر عن عبد الله بن السائب" بعد ما ذكر الاختلاف في إسناده على ابن جريج: وكأن البخاري علقه بصيغة "ويذكر" لهذا الاختلاف (٤)، انتهى.


(١) "فتح الباري" (٢/ ٢٠٤).
(٢) "صحيح مسلم" (ح: ٤٣٨)، و"صحيح ابن خزيمة" (رقم ١٦١٢)، و"سنن أبي داود" (ح: ٦٨٠)، و"سنن النسائي" (ح: ٧٩٥)، و"سنن ابن ماجه" (ح: ٩٧٨).
(٣) "عمدة القاري" (٤/ ٣٤٨).
(٤) انظر: "فتح الباري" (٢/ ٢٥٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>