للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالغسل، وإن كان ذلك الغسل في أثناء الحيض، وغسل عائشة - رضي الله عنها - يحتمل ذلك، انتهى.

قلت: ما حكاه الشيخ قُدِّس سرُّه عن الشارح أخذه الشارح المذكور عن "الفتح" (١)، إذ قال: مراده بيان صحة إهلال النبي - صلى الله عليه وسلم -، ومعنى "كيف" في الترجمة: الإعلام بالحال بصورة الاستفهام، لا الكيفية التي يراد بها الصفة.

وبهذا التقرير يندفع اعتراض من زعم أن الحديث غير مناسب للترجمة، إذ ليس فيها ذكر صفة الإهلال، انتهى.

وقال العيني (٢): المراد من الكيفية الحال من الصحة والبطلان والجواز وغير الجواز، فكأنه قال: باب صحة إهلال الحائض بالحج. . . إلخ.

ومؤدَّى كلام هؤلاء المشايخ كلهم أن لفظ "كيف" حشو في كلام الإمام الهمام، وأنت خبير بأن هذا بعيد كل البعد عن جلالة شأنه ودقائق تدبُّره.

فالأوجه عندي على الأصل المذكور أن الإمام البخاري رحمه الله تعالى نَبَّهَ بذلك على الاختلاف الواقع في كيفية هذا الغسل باعتبار الحكم، هل هو سُنَّةٌ مؤكدةٌ كما عند مالك، أو مستحب كما عند بقية الأئمة الثلاثة.

ففي "الأوجز" (٣): هذا الغسل سُنَّة مؤكدة عند مالك وأصحابه، لا يرخص في تركه إلا لعذر، وهو آكد اغتسالات الحج إلى آخر ما بسط فيه، ومال ابن حزم إلى أن هذا الغسل فرض للحائض المتمتع والنفساء، قال العيني (٤): قال ابن حزم: لا يلزم الغسل فرضًا في الحج إلا المرأة تُهِلُّ بعمرة تريد التمتع فتحيض قبل الطواف بالبيت، فهذه تغتسل، ولا بدّ والمرأة


(١) انظر: "فتح الباري" (١/ ٤١٩).
(٢) "عمدة القاري" (٣/ ١٥٢).
(٣) "أوجز المسالك" (٦/ ٣٣٩).
(٤) "عمدة القاري" (٧/ ٨٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>