للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وترجم الإمام البخاري "باب الأرواح جنود مجندة"، وذكر فيه حديث عائشة - رضي الله عنها - مرفوعًا بذلك اللفظ، ويمكن التلويح بذلك إلى ما في "البيان والتعريف"، إذ قال: أخرجه الحاكم عن سلمان، والشيخان بلفظ "الأرواح جنود مجندة. . ." الحديث، وسببه عنه أن امرأة كانت تُضحك النساء بمكة قدمت المدينة، فنزلت على امرأة تُضحك النساء بالمدينة، فأُخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - بذلك، فقال: "الأرواح. . ."، فذكره، انتهى.

ويشكل عليه أن الحافظ في "الفتح" (١) ذكر قصة المرأة هذه بلفظ آخر، برواية "مسند أبي يعلى" (٢) عن عمرة قالت: كانت امرأة بمكة مزَّاحة فنزلت على امرأة مثلها بالمدينة، فبلغ ذلك عائشة قالت: "صدق حِبِّي، سمعته - صلى الله عليه وسلم -"، فذكر مثله، انتهى. وفيه أن الأول من حديث سلمان، والثاني من حديث عائشة.

ولا يبعد عندي أيضًا، أن يمثَّل هذا الأصل بـ "باب المؤمن يأكل في مِعًى واحد"، فإن هذه الترجمة بوَّب لها البخاري بابين، ويشكل على الشراح تكرار الترجمة، واختلفت التوجيهات في التكرار، حتى مال كثير منهم إلى غلط النساخ، ولا يبعد عندي أن الإمام أشار بإحدى الترجمتين إلى أمر مختص ببعض الوقائع.

قال الحافظ (٣): وقع في "مسلم" (٤) عن أبي هريرة: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ضافه ضيف وهو كافر، فأمر له بشاة فحلبت فشرب حلابها، ثم أخرى، ثم أخرى، حتى شرب حلاب سبع شياه، ثم إنه أصبح فأسلم، فأمر له بشاة فشرب حلابها، ثم بأخرى فلم يستتمّها. . ." الحديث، وهذا الرجل يُشبه أن يكون جهجاه الغفاري.


(١) "فتح الباري" (٦/ ٣٧٠).
(٢) "مسند أبي يعلى" (رقم ٤٣٨١).
(٣) "فتح الباري" (٩/ ٥٣٨).
(٤) "صحيح مسلم" (ح: ٢٠٦٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>