للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال سماحة الشيخ العلامة أبي الحسن الندوي في "مقدمة لامع الدراري": "لا نعلم كتابًا من كتاب البشر في المكتبة الإسلامية العالمية، تناوله العلماء والمؤلفون بالشرح والتحشية والتعليق مثل ما تناولوا هذا الكتاب".

وقد ذكر الشيخ عصام الحسيني ما تيسَّر به من الشروح والتعليقات على "صحيح البخاري"، فعدد ما بلغ (٣٧٥) مؤلَّفًا في كتاب له بعنوان "إتحاف القاري بمعرفة جهود العلماء على صحيح البخاري" (١)، ربما يكون عددها أكثر من هذا، وفي الزوايا خفايا لم تقع عليها عين ولم تطلع عليها شمس.

ولا شك أنَّ لكل تأليف في الصِّحاح الستّة من المزايا والخصائص، ولكن كتاب الإمام البخاري "الجامع الصحيح" لا يلحقه غيره كائنًا من كان من أصحاب الأمهات.

قال العلَّامة ابن خلدون (المتوفى سنة ٨٠٨ هـ) في "مقدمة تاريخه"، (ص ٢٥٤): "قد سمعت كثيرًا من شيوخنا يقولون: (شرح كتاب البخاري دَين على علماء الأمة)، يعنون أن أحدًا من علماء الأمة لم يوف ما يجب له بهذا الاعتبار".

وادَّعى الإمام السخاوي في "الضوء اللامع" أنَّ شيخَنا شيخ الإسلام الحافظ ابن حجر العسقلاني (المتوفى سنة ٨٥٢ هـ) قد قضى هذا الدَّين بتأليف كتاب "فتح الباري".

وأما تراجم "صحيح البخاري" فأودع فيها الإمام البخاري من الأسرار والمعاني ما حُيِّرت به الأفكار وأدهشت العقول والأبصار، وإنما بلغت هذه المرتبة وفازت بهذه الحظوة لسبب عظيم أوجب عظمها أن الإمام البخاري حوَّل تراجم جامعه يعني بيَّضها بين قبر النبي - صلى الله عليه وسلم - ومنبره، وكان يصلي لكل ترجمة ركعتين (٢).


(١) طبع الكتاب في سنة ١٤٠٧ هـ في بيروت.
(٢) انظر: مقدمة "فتح الباري" (ص ١٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>