للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولأهمية هذه التراجم في "صحيح البخاري" وصعوبة فهمها، اعتنى شرَّاح البخاري بشرحها في مؤلفاتهم قديمًا وحديثًا، وقام بعض أجلَّة المحدِّثين وفحول العلماء بتأليف مؤلَّفات لبيان مقاصد التراجم (١)، ولكن لم يكن منها كتاب شامل لجميع الأبواب والتراجم.

وذكر العلَّامة محمد يوسف البنوري في تقديم "لامع الدراري": كان شيخنا - هو العلامة المحدِّث محمد أنور الكشميري - يقول: إن دَيْن التراجم لا يزال باقيًا على رقاب الأمة لم يقضه أحد إلى اليوم، وكنت قديمًا أقول: إن كتاب "شرح الأبواب والتراجم" لشيخ الهند لو تم لقضي هذا الدَّين، ولكنه للأسف لم يتم.

وكانت الحاجة ماسَّة إلى تأليفٍ أكملَ وأشملَ وأجمع، يفي بالهدف المطلوب لأداء دَيْن شرح التراجم الباقي على علماء هذه الأمة.

فالله - سبحانه وتعالى - وفَّق شيخنا الإمام المحدِّث محمد زكريا الكاندهلوي لهذا العمل الجليل، فألَّف كتابًا لبيان هذه التراجم وتحقيق مزاياها، وبيان ما وهبه سبحانه من العلوم والأسرار في هذا الصدد.

فقد فصل أصول التراجم في بداية الكتاب، واستفاد ما تبيَّن من كلام الشارحين المبعثر في الكتب من غير مظانِّها، وما وقف عليه من كلام مشايخه أو مشايخ مشايخه في الدروس، أو منَّ الله سبحانه على المؤلف، فشرح صدره لإبداعها، فبلغت أصول هذه التراجم إلى سبعين أصلًا، وقد استقصى هذه الأصول من الكتب المؤلفة في هذا الموضوع قديمًا وحديثًا، ومن شروح البخاري، وضمَّ إليها أصولًا جديدةً ألهمه الله إياها بطول ممارسته لهذا الفن الشريف، ومباشرته لتدريس هذا الكتاب الجليل مصداقًا لقوله تعالى: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا} [العنكبوت: ٦٩].


(١) وقد ذكر شيخنا الشيخ محمد زكريا الكاندهلوي أسماء هذه المؤلَّفات في مقدمة هذا الكتاب.

<<  <  ج: ص:  >  >>