للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ومن جميع كفار العجم، ولا يقبل من مشركي العرب إلا الإسلام أو السيف، وعن مالك: تقبل من جميع الكفار إلا من ارتدّ، وحكى ابن عبد البر الاتفاق على قبولها من المجوس، لكن حكى ابن التِّين عن عبد الملك: أنها لا تقبل إلا من اليهود والنصارى فقط، وقال الشافعي: تقبل من أهل الكتاب عربًا كانوا أو عجمًا، ويلتحق بهم المجوس في ذلك، واحتج بالآية المذكورة، فإن مفهومها أنها لا تقبل من غير أهل الكتاب، وقد أخذها النبي - صلى الله عليه وسلم - من المجوس، فدل على إلحاقهم بهم واقتصر عليه، واحتج غيره بعموم قوله في حديث بريدة وغيره: "فإذا لقيت عدوك من المشركين فادعهم إلى الإسلام، فإن أجابوا وإلا فالجزية"، واحتجوا أيضًا بأن أخذها من المجوس يدل على ترك مفهوم الآية، فلما انتفى تخصيص أهل الكتاب بذلك دلَّ على أن لا مفهوم لقوله: "أهل الكتاب"، وأجيب بأن المجوس كان لهم كتاب ثم رفع، انتهى.

وقال القسطلاني (١) تحت قول البخاري: "والمجوس والعجم": وهذا قول أبي حنيفة: تؤخذ الجزية من جميع الأعاجم سواء كانوا من أهل الكتاب أو من المشركين، وعند الشافعي وأحمد: لا تؤخذ إلا ممن له كتاب أو شبهة كتاب، فلا تؤخذ من عبدة الأوثان والشمس والقمر ومن في معناهم، ولا من المرتد؛ لأن الله تعالى أمر بقتل جميع المشركين إلى أن يسلموا بقوله: {اقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ} الآية السابقة، وعن مالك: تقبل من جميع الكفار إلا من ارتد، انتهى مختصرًا.

وذكر الحافظ الكلام على أن المجوس هم أهل كتاب أم لا؟ وبسط الكلام عليه أيضًا في "الأوجز" (٢) فارجع إليه لو اشتقت.

وقال أيضًا: قال ابن المنيِّر: ليس في أحاديث الباب ما يوافق الموادعة - الجزء الثاني من الترجمة - إلا الحديث الأخير في تأخير


(١) "إرشاد الساري" (٧/ ٨٢ - ٨٣).
(٢) "أوجز المسالك" (٦/ ٢٠٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>