للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال القسطلاني (١): ثم أشار المؤلف إلى قوله تعالى: " {أَفَعَيِينَا بِالْخَلْقِ الْأَوَّلِ} " [ق: ١٥]، أي: "أفأعيا علينا، حين أنشأكم وأنشأ خلقكم" أي: ما أعجزنا الخلق الأول حين أنشأناكم وأنشأنا خلقكم حتى نعجز عن الإعادة، والهمزة فيه للإنكار، وعدل عن التكلم في قوله: "أنشأناكم" إلى الغيبة التفاتًا، قال الكرماني: والظاهر أن لفظ "حين أنشأكم" إشارة إلى آية أخرى مستقلة، و"أنشأ خلقكم" إلى تفسيره، وهو قوله تعالى: {إِذْ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ} [النجم: ٣٢]، فنقله البخاري بالمعنى حيث قال: "حين أنشأكم" بدل {إِذْ أَنْشَأَكُمْ}، أو هو محذوف في اللفظ، واستغنى بالمفسر عن المفسر، انتهى.

وكتب الشيخ قُدِّس سرُّه في "اللامع" (٢): قوله: "أفأعيا. . ." إلخ، أشار بذلك إلى أن كلمة "عيينا" صارت متعدية بالباء في الخلق الأول، وكأن المعنى: أفأعيا علينا خلقكم حين أنشأناكم؟ لكنه حذف الفاعل استغناء بدلالة الظرف عليه، وأقام النائب مقام المتكلم رعاية لما ورد في الآية الأخرى، ثم لما ذكر الإنشاء ذكر معناه، فقال: "أنشأ، أي: خلق"، لكنه لما كان المذكور في الآية {أَنْشَأَكُمْ} أورد في التفسير أيضًا خلقكم، ولم يكتف بقوله: خلق فقط، انتهى.

قوله: (لغوب: النَّصَب) أي: تفسير قوله: {وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ} [ق: ٣٨] أي: من نصب، والنصَّب: التعب وزنًا ومعنًى، وهذا تفسير مجاهد فيما أخرجه ابن أبي حاتم، وغفل الداودي الشارح فظن أن النصب في كلام المصنف بسكون الصاد، وأنه أراد ضبط اللغوب، فقال متعقبًا عليه: لم أر أحدًا نصب اللام في الفعل، قال: وإنما هو بالنصب: الأحمق.

قوله: (أطوارًا. . .) إلخ، يريد تفسير قوله تعالى: {وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا} [نوح: ١٤]، والأطوار: الأحوال المختلفة، واحدها طور بالفتح، وأخرج


(١) "إرشاد الساري" (٧/ ١٢١ - ١٢٢).
(٢) "لامع الدراري" (٧/ ٣٣١ - ٣٣٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>