للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمرسلون صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين، وخلق معادن الكفر والضلالة من غير نوع الإنسان وهم الشياطين، ومن النوع الإنساني وهم الدجالون الكذابون عليهم لعنة الله، فالأولون هم سادة السعداء النازلين في دار كرامته وفضله ومظاهر رحمته ورضاه - سبحانه وتعالى -، والآخرون هم رؤوس الأشقياء الساقطين في محل عقوبته وسخطه ومظاهر نقمته وغضبه، والمحاربة قائمة بين الفريقين، والمخالفة واقعة بين الطرفين على ما يَقتضيه نظام التجاذب الواقع بين صفات الله الجمالية والقهرية، فملائكة الله في طرف، والشياطين في طرف آخر، وأولياء الرحمن في جانب، والدجاجلة أعداء الله في جانب آخر، وما زالوا يتحاربون ويتقاتلون في كل عصر، ولا يزالون مختلفين حتى يأتي أمر الله، ولذلك خلقهم، وكُلًّا يمدّ هؤلاء وهؤلاء من عطاء ربك وما كان عطاء ربك محظورًا، ومن المعلوم المتيقن أنه كلما ظهر في هذه الأمة دجال كذاب قام من ورثة سيد الأنبياء - صلى الله عليه وسلم - شخص أو قوم لدفع مكائده وإبطال حيله، والله - سبحانه وتعالى - نصر الصادق وخذل الكاذب، ولا تزال هذه المحاربة بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان حتى يخرج رأس الكفر من المشرق وهو الدجال الأعظم وعدو الله الأكبر الذي أنذر به كل نبي قومه، وختمت به سلسلة الدجل والكذب إلى أن كتب: وهذه فتنة لا توجد فتنة أعظم منها، وهناك ابتلي المؤمنون وزلزلوا زلزالًا شديدًا، فكأن الظاهر أن لا يقدم بمقاومة خاتم الدجاجلة الكاذبين إلا خاتم الأنبياء والمرسلين، ودعا له الخليل والذبيح، وبشّر بمقدمه المسيح، وانتهت إليه مراتب النبوَّة والرسالة الذي أرسل بالحق كافة للناس بشيرًا ونذيرًا، فلا يبقى على ظهر الأرض بيت وبر ولا مدر إلا أدخله الله دينه القويم، فكان الأوفق فيما يبدو للناس أن يكون النبي - صلى الله عليه وسلم - بنفسه النفيسة حجيج عدو الله الأكبر إلا أن الله - سبحانه وتعالى - رفع منزلته، وجعل أمر الدجال اللعين أهون من أن يقدم في مقابلته - صلى الله عليه وسلم -. . .، إلى آخر ما بسط.

<<  <  ج: ص:  >  >>