للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا يمالئوا عليه عدوه، وهم طوائف اليهود الثلاثة: قريظة والنضير وقينقاع، وقسم: حاربوه ونصبوا له العداوة كقريش، وقسم: تاركوه وانتظروا ما يؤول إليه أمره كطوائف من العرب، فمنهم من كان يحب ظهوره في الباطن كخزاعة، وبالعكس كبني بكر، ومنهم من كان معه ظاهرًا ومع عدوه باطنًا، وهم المنافقون، فكان أول من نقض العهد من اليهود بنو قينقاع، فحاربهم في شوال بعد وقعة بدر، فنزلوا على حكمه، وأراد قتلهم فاستوهبهم منه عبد الله بن أبي وكانوا خلفاء فوهبهم له، وأخرجهم من المدينة إلى أذرعات، ثم نقض العهد بنو النضير كما سيأتي، وكان رئيسهم حيي بن أخطب، ثم نقضت قريظة كما سيأتي شرح حالهم بعد غزوة الخندق إن شاء الله تعالى، انتهى.

ثم اعلم أن الإمام البخاري - رحمه الله - ذكر غزوة بني النضير ههنا بعد غزوة بدر، وعامة أهل السير ذكروها بعد أُحد، فجمهور أهل السير على أن قصتهم كانت بعد بئر معونة كما حكاه البخاري عن ابن إسحاق، وبعضهم كعروة على أن قصتهم إنما وقعت بعد بدر بستة أشهر، كما حكاه البخاري عنه أولًا، وذلك لأنهم أختلفوا في سبب هذه الغزوة ما هو؟ فالجمهور ومنهم ابن إسحاق ذكروا في سبب هذه الغزوة أنه خرج رسول الله إلى بني النضير ليستعين بهم في دية القتيلين اللذين قتلا بعد وقعة بئر معونة، وكان بين بني النضير وبني عامر عقد وحلف، فلما أتاهم عليه الصلاة والسلام ليستعينهم في ديتهما قالوا: نعم يا أبا القاسم اجلس فنتشاور فيما جئتنا به، ثم خلا بعضهم ببعض، فقالوا: إنكم لن تجدوه على مثل هذا الحال منفردًا ليس معه من أصحابه إلا نحو العشرة، فقالوا: من رجل يعلو على هذا البيت فيلقي هذه الصخرة عليه فيقتله ويريحنا منه؟ وأتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الخبر من السماء بما أراد القوم، فقام عليه الصلاة والسلام ورجع مسرعًا إلى المدينة.

والسبب الآخر لهذه الغزوة ما روى ابن مردويه بسند صحيح عن

<<  <  ج: ص:  >  >>