للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خيبر، واستدل لذلك في هذا الباب بأمور سيأتي الكلام عليها مفصلًا، ومع ذلك فذكرها قبل خيبر فلا أدري هل تعمد ذلك تسليمًا لأصحاب المغازي أنها كانت قبلها - كما سيأتي - أو أن ذلك من الرواة عنه، أو إشارة إلى احتمال أن تكون ذات الرقاع اسمًا لغزوتين مختلفتين كما أشار إليه البيهقي، على أن أصحاب المغازي مع جزمهم بأنها كانت قبل خيبر مختلفون في زمانها، فعند ابن إسحاق أنها بعد بني النضير وقبل الخندق سنة أربع، قال ابن إسحاق: أقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعد غزوة بني النضير شهر ربيع وبعض جمادى يعني: من سنته، وغزا نجدًا يريد بني محارب وبني ثعلبة من غطفان حتى نزل نخلًا وهي غزوة ذات الرقاع.

وعند ابن سعد وابن حبان، أنها كانت في المحرم سنة خمس، وأما أبو معشر فجزم بأنها كانت بعد بني قريظة والخندق، وهو موافق لصنيع المصنف، وقد تقدم أن غزوة قريظة كانت في ذي القعدة سنة خمس، فتكون ذات الرقاع في آخر السنة، وأول التي تليها، وأما موسى بن عقبة فجزم بتقديم وقوع غزوة ذات الرقاع، لكن تردد في وقتها، فقال: لا ندري كانت قبل بدر أو بعدها أو قبل أُحد أو بعدها، وهذا التردد لا حاصل له، بل الذي ينبغي الجزم به أنها بعد غزوة بني قريظة؛ لأنه تقدم أن صلاة الخوف في غزوة الخندق لم تكن شرعت، وقد ثبت وقوع صلاة الخوف في غزوة ذات الرقاع فدل على تأخرها بعد الخندق، وسأذكر بيان ذلك واضحًا.

وفي هامش "اللامع" (١) عن العيني (٢): والحاصل أن غزوة ذات الرقاع عند ابن إسحاق كان بعد بني النضير وقبل الخندق سنة أربع، وعند ابن سعد وابن حبان أنها كانت في المحرم سنة خمس، ومال البخاري إلى أنها كانت بعد خيبر كما سيأتي، ومع هذا ذكرها قبل خيبر، والظاهر أن ذلك من الرواة، انتهى مختصرًا.


(١) "لامع الدراري" (٨/ ٣٣٣).
(٢) "عمدة القاري" (١٢/ ١٥٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>