للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكانت وفاته - صلى الله عليه وسلم - يوم الاثنين بلا خلاف من ربيع الأول، وكاد يكون إجماعًا، لكن في حديث ابن مسعود عند البزار في حادي عشر رمضان، ثم عند ابن إسحاق والجمهور أنها في الثاني عشر منه، وعند موسى بن عقبة والليث والخوارزمي وابن زبر: مات لهلال ربيع الأول، وعند أبي مخنف والكلبي في ثانيه، ورجحه السهيلي، وعلى القولين يتنزل ما نقله الرافعي أنه عاش بعد حجته ثمانين يومًا، وقيل: أحدًا وثمانين، وأما على ما جزم به في "الروضة" فيكون عاش بعد حجته تسعين يومًا أو أحدًا وتسعين.

وقد استشكل ذلك السهيلي ومن تبعه - أعني: كونه مات يوم الاثنين ثاني عشر شهر ربيع الأول -، وذلك أنهم اتفقوا على أن ذا الحجة كان أوله يوم الخميس، فمهما فرضت الشهور الثلاثة توام أو نواقص أو بعضها لم يصح، وهو ظاهر لمن تأمله، وأجاب البارزي ثم ابن كثير باحتمال وقوع الأشهر الثلاثة كوامل، وكان أهل مكة والمدينة اختلفوا في رؤية هلال ذي الحجة فرآه أهل مكة ليلة الخميس ولم يره أهل المدينة إلا ليلة الجمعة، فحصلت الوقفة برؤية أهل مكة، ثم رجعوا إلى المدينة فأرّخوا برؤية أهلها فكان أول ذي الحجة الجمعة وآخره السبت، وأول المحرم الأحد وآخره الاثنين، وأول صفر الثلاثاء وآخره الأربعاء، وأول ربيع الأول الخميس فيكون ثاني عشره الاثنين، وهذا الجواب بعيد من حيث إنه يلزم توالي أربعة أشهر كوامل. . .، إلى آخر ما بسط الحافظ أشد البسط.

قوله: (فقال: ائتوني اكتب لكم كتابًا) قال الحافظ (١): هو تعيين الخليفة بعده، وسيأتي شيء من ذلك في "كتاب الأحكام" في "باب الاستخلاف" منه، انتهى.

وقد تقدم شيء من الكلام عليه في "كتاب العلم"، وبسط الكلام عليه أيضًا في "اللامع" (٢) في "كتاب العلم" إذ كتب الشيخ قُدِّس سرُّه على قول


(١) "فتح الباري" (٨/ ١٣٣).
(٢) "لامع الدراري" (٢/ ٦٣، ٦٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>