الدخان، لكن هذه طريقته يذكر الحديث في موضع ثم يذكره في الموضع اللائق به عاريًا عن الزيادة اكتفاء بذكرها في الموضع الآخر، شحذًا للأذهان وبعثًا على مزيد الاستحضار.
وهذا الذي أنكره ابن مسعود قد جاء عن علي، فأخرج عبد الرزاق وابن أبي حاتم من طريق الحارث عن علي قال:"آية الدخان لم تمض بعد، يأخذ المؤمن كهيئة الزكام، وينفخ الكافر حتى ينفد"، ويؤيد كون آية الدخان لم تمض ما أخرجه مسلم من حديث أبي شريحة رفعه:"لا تقوم الساعة حتى تروا عشر آيات: طلوع الشمس من مغربها، والدخان، والدابة" الحديث، وروى الطبري من حديث ربعي عن حذيفة مرفوعًا في خروج الآيات والدخان قال حذيفة: يا رسول الله! وما الدخان؟ فتلا هذه الآية قال:"أما المؤمن فيصيبه منه كهيئة الزكمة، وأما الكافر فيخرج من منخريه وأذنيه ودبره" وإسناده ضعيف أيضًا ثم ذكر الحافظ عدة روايات بأسانيد ضعاف، ثم قال: لكن تضافر هذه الأحاديث يدلّ على أن لذلك أصلًا، ولو ثبت طريق حديث حذيفة لاحتمل أن يكون هو القاص المراد في حديث ابن مسعود، انتهى.
قال القسطلاني (١): وهذا الذي قاله ابن مسعود وافقه عليه جماعة كمجاهد وأبي العالية وإبراهيم النخعي والضحاك وعطية العوفي، واختاره ابن جرير، لكن أخرج ابن أبي حاتم عن الحارث عن علي فذكر ما تقدم في كلام الحافظ، وأخرج أيضًا عن عبد الله بن أبي مليكة قال: غدوت على ابن عباس ذات يوم فقال: ما نمت الليلة حتى أصبحت، قلت: لم؟ قال: قالوا: طلع الكوكب ذو الذنب فخشيت أن يكون الدخان قد طرق، فما نمت حتى أصبحت.
قال الحافظ ابن كثير: وإسناده صحيح إلى ابن عباس حبر الأمة