للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي هامشه: ما أفاده الشيخ قُدِّس سرُّه جدير بجلالة شأن ابن مسعود رضي الله تعالى عنه، ويؤيده ما سيأتي من الروايات عن ابن مسعود في تفسير سورة الدخان، لكن الظاهر من سياق حديث الباب الردّ من ابن مسعود على القاصّ مطلقًا فإن القاصّ لم يذكره في تفسير الآية بل ذكره في علامات القيامة، وقد أشبع الشيخ قُدِّس سرُّه الكلام على هذا الحديث في "الكوكب الدري" مع ما علّقت عليه.

فكتب الشيخ قُدِّس سرُّه في "الكوكب" (١) في تفسير سورة الدخان: قد ورد ذلك في الرواية وعُدّ من أشراط الساعة واختلف في تفسير الآية {يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ} [الدخان: ١٠] وتعيين المراد بالدخان فيها، فالصحيح الذي لا يحول حماه الريب ويكون مطابقًا للسياق والسباق من غير رجم غيب هو الذي أراد ابن مسعود وإن كان يصح حمل الآية على ما ذكره القاصّ أيضًا؛ فإنه يبقى أربعين يومًا ثم يكشف بعد ذلك، والقول الثالث الذي قيل: إنه يكون بعد الحشر، قال أصحابه: إنه على التقدير، أي: لو كشفنا عنهم العذاب لعادوا، وإنما ردّ ابن مسعود على القاصّ قوله ذلك ظنًا منه أنه إنما ذكر ما ذكر من غير أن يستند ذلك إلى نقل عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، فظاهر أن وقائع نزول الآيات لا دخل فيها للعقل وإنما هي منوطة بالرواية والنقل، ولم يكن قصد ابن مسعود ردّ الرواية التي ذكرها القاصّ فإنها مسلّمة، بل المقصود الردّ على كون ذلك الدخان الذي هو من أشراط الساعة مراد الآية، فإن مساق الكلام آب عنه، انتهى.

قلت: ذكر المصنف حديث الباب مختصرًا في تفسير سورة الدخان.

قال الحافظ (٢): قد تقدم سبب قول ابن مسعود هذا في سورة الروم، وقد جرى البخاري على عادته في إيثار الخفي على الواضح، فإن هذه السورة كانت أولى بإيراد هذا السياق من سورة الروم لما تضمنته من ذكر


(١) "الكوكب الدري" (٤/ ٢٦٢).
(٢) "فتح الباري" (٨/ ٥٧٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>