للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

البسملة: " {عَبَسَ}: كلح وأعرض" أعني بإعادة لفظ عبس، وفي نسخة الحافظ: {عَبَسَ وَتَوَلَّى}، ثم ذكر التفسير المذكور.

قال الحافظ (١): أما تفسير {عَبَسَ} فهو لأبي عبيدة، وأما تفسير {تَوَلَّى} فهو في حديث عائشة الذي سأذكره بعد، ولم يختلف السلف في أن فاعل {عَبَسَ} هو النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأغرب الداودي فقال: هو الكافر، وأخرج الترمذي والحاكم من طريق يحيى بن سعيد الأموي، وابن حبان من طريق عبد الرحيم بن سليمان، كلاهما عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت: "نزلت في ابن أم مكتوم الأعمى فقال: يا رسول الله أرشدني - وعند النبي - صلى الله عليه وسلم - رجل من عظماء المشركين - فجعل النبي - صلى الله عليه وسلم - يعرض عنه ويقبل على الآخر فيقول له: أترى بما أقول باسًا؟ فيقول: لا، فنزلت: {عَبَسَ وَتَوَلَّى} " قال الترمذي: حسن غريب، وقد أرسله بعضهم عن عروة لم يذكر عائشة، وذكر عبد الرزاق عن معمر عن قتادة أن الذي كان يكلمه أبي بن خلف، وروى سعيد بن منصور من طريق أَبي مالك أنه أمية بن خلف، وروى ابن مردويه من حديث عائشة أنه كان يخاطب عتبة وشيبة ابني ربيعة، ومن طريق العوفي عن ابن عباس قال: عتبة وأبو جهل وعياش، ومن وجه آخر عن عائشة: كان في مجلس فيه ناس من وجوه المشركين منهم أبو جهل وعتبة، فهذا يجمع الأقوال، انتهى.

قوله: ({مُطَهَّرَةٍ}: لا يمسها إلا المطهرون وهم الملائكة. . .) إلخ، قال العيني (٢): أشار به إلى قوله تعالى: {فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ (١٣) مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ} [عبس: ١٣، ١٤] وفسر المطهرة بقوله: {لا يمسها إلا المطهرون}، وهم الملائكة" يعني: لما كانت الصحف قد تتصف بالتطهير وصف أيضًا حاملها، أي: الملائكة فقيل: {لا يمسها إلا المطهرون}، وهذا كما في


(١) "فتح الباري" (٨/ ٦٩٢).
(٢) "عمدة القاري" (١٣/ ٤٦٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>