للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{فَالْمُدَبِّرَاتِ أَمْرًا} [النازعات: ٥]، فإن التدبير لمحمول خيول الغزاة فوصف الحامل يعني الخيول به فقيل: {فَالْمُدَبِّرَاتِ}.

وقال الكرماني: وفي بعض النسخ لا يقع بزيادة لا، وفي توجيهه تكلف، قلت: وجهه أن الصحف لا يقع عليها التطهير الذي هو خلاف التنجيس حقيقة وإنما المراد أنها مطهرة عن أن ينالها أيدي الكفار، وقيل: مطهرة عما ليس بكلام الله تعالى فهو الوحي الخالص والحق المحض، انتهى.

قلت: اختلفت النسخ ففي النسخة الهندية بلفظ: "لا يقع عليها التطهير" بزيادة حرف النفي، وفي نسخ الشروح الثلاثة: "الفتح" و"العيني" و"القسطلاني": "يقع عليها التطهير" بغير لفظة لا، وفي هامش الهندية (١) عن "الخير الجاري" بعد قول الكرماني: وفي توجيهه تكلف، وتوجيهها أنها ليست مما يحتاج إلى التطهير بل هي طاهرة بذاتها مطهرة لغيرها من الأنجاس الباطنة، انتهى.

وكتب الشيخ في "اللامع" (٢): قوله: "لا يقع عليها التطهير" يعني أن التطهير الواقع بعد قابلية التنجيس غير واقع على الصحف لتطهرها ذاتًا فلم يكن إطلاق المطهر عليها إلا مجازًا، والحاصل أن المطهر إما أن يكون صفة الصحف حقيقة والملائكة مجازًا أو بالعكس، وعلى الأول فالصحيح نسخة "يقع" بالإثبات وعلى الثاني فلكل منهما وجه نفيًا كان أو إثباتًا، وأيضًا فالتطهير على التوجيه الأول يعني إذا كان صفة للصحف ما لم يتقدمه صلاح التنجس وقابليته، وعلى الثاني ما كان قبله ذلك، وإذا علمت هذا فنقول: معنى قوله: {مُطَهَّرَةٍ. . .} إلخ، أن الصحف مطهرة بذواتها كما ذكر ههنا في السورة، وإطلاق المطهر في قوله تعالى: {لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ} [الواقعة: ٧٩] مجاز من قبيل وصف الحامل بصفة محموله، كما في قوله


(١) "صحيح البخاري بحاشية السهارنفوري" (١٠/ ١٥٥).
(٢) "لامع الدراري" (٩/ ١٨٨، ١٨٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>