للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من المبتدعة، وتعلقوا بالأحاديث الواردة في ذلك، وقد ذكرنا أنها منسوخة فلا دلالة لهم فيها، وتعلقوا بقوله تعالى: {فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} [النساء: ٢٤] وفي قراءة ابن مسعود: فما استمعتم به منهن إلى أجل، وقراءة ابن مسعود هذه شاذة لا يحتج بها قرآنًا ولا خبرًا، قال: وقال زفر: من نكح نكاح متعة تأبد نكاحه وكأنه جعل ذكر التأجيل من باب الشروط الفاسدة في النكاح، فإنها تلغى وتصح النكاح، انتهى.

وبسط الجصاص (١) في "أحكام القرآن" على مباحث المتعة في تفسير قوله تعالى: {فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ} الآية، وقال: وقد كان ابن عباس يتأول هذه الآية على متعة النساء، وروي عنه فيها أقاويل، روي أنه كان يتأول الآية على إباحة المتعة، إلى آخر ما بسط في الروايات الواردة عنه، ثم قال: فالذي حصل من أقاويل ابن عباس القول بإباحة المتعة في بعض الروايات من غير تقييد لها بضرورة ولا غيرها، والثاني أنها كالميتة تحل بالضرورة، والثالث أنها محرمة، وقد قدمنا ذكر سنده وقوله أيضًا: أنها منسوخة، ثم ذكر الجصاص ما يدل صريحًا على رجوعه عن إباحتها، حيث قال: ذاك السفاح.

وكتب الشيخ قُدِّس سرُّه في "اللامع" (٢): قوله: "أن عليًّا قال لابن عباس. . ." إلخ، فظاهر كلام علي أنه حمل متعة الأوطاس على أنها كانت للاضطرار ورخصة ثابتة على غير القياس؛ إذ لو لم تكن كذلك لما أفاد التقييد بيوم خيبر معنى بل كان مضرًا له في إثبات مدعاه لأن الفعل الأخير يكون ناسخًا للأول، فإذا انتسخت الحرمة بمتعة الأوطاس لم يبق له دليل على ما أراد الاحتجاج به على ابن عباس، وأما ابن عباس فلعله لم يقتنع بكلام علي - رضي الله عنه - هذا حيث أفتى بجواز المتعة، انتهى.


(١) "أحكام القرآن" للجصاص (٢/ ١٤٦ - ١٤٨).
(٢) "لامع الدراري" (٩/ ٢٩٠، ٢٩١).

<<  <  ج: ص:  >  >>