للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وفي "البذل" (١) عن ابن رشد بحثًا على طلاق السُّنَّة: واختلفوا من هذا الباب في ثلاثة مواضع: الموضع الأول: هل من شرطه، أي: طلاق السُّنَّة أن لا يتبعها طلاقًا في العدة؟ والثاني: هل المطلق ثلاثًا بلفظ الثالث مطلق للسُّنَّة أم لا؟ أما الأول فاختلف فيه مالك وأبو حنيفة ومن تبعهما، فقال مالك: من شرطه أن لا يتبعها في العدة طلاقًا آخر، وقال أبو حنيفة: إن طلقها عند كل طهر طلقة واحدة كان مطلقًا للسُّنَّة، وأما الثاني فإن مالكًا ذهب إلى أن المطلق ثلاثًا بلفظ واحد مطلق لغير سُنَّة، وذهب الشافعي إلى أنه مطلق للسُّنَّة، انتهى ملخصًا من "البذل". وعن أحمد روايتان كما تقدم عن "المغني".

وفي "الفيض" (٢) في "باب من أجاز طلاق الثلاث": واعلم أن الطلاق البدعي ينقسم عندنا إلى قسمين: بدعي من حيث الوقت وهو في زمان الحيض، وبدعي من حيث العدد، وأما عند الشافعي فلا بدعي عنده من حيث العدد، فلا يكون الجمع بين الطلقات الثلاث بعدة عنده، وإليه مال المصنف خلافًا للجمهور، انتهى.

قوله: (مره) قال العيني (٣): اختلفوا في معنى هذا الأمر فقال مالك: هذا للوجوب، ومن طلق زوجته حائضًا أو نفساء فإنه يجبر على رجعتها، وقال ابن أبي ليلى، والشافعي وأحمد والأوزاعي وهو قول الكوفيين: يؤمر برجعتها ولا يجبر على ذلك، وحملوا الأمر في ذلك على الندب ليقع الطلاق على سُنَّة.

قوله: (فليراجعها) واختلف في وجوب الرجعة، فذهب إليه مالك وأحمد في رواية، والمشهور عنه وهو قول الجمهور: إنها مستحبة، وذكر صاحب "الهداية" أنها واجبة لورود الأمر بها، انتهى.


(١) "بذل المجهود" (٨/ ١٣٨).
(٢) "فيض الباري" (٥/ ٥٧٥).
(٣) "عمدة القاري" (١٤/ ٢٢٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>