للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى نية القائل، ولذا صدر الباب بقول الحسن، وهذه عادته في موضع الاختلاف مهما صدر به من النقل عن صحابي أو تابعي فهو اختياره، إلى آخر ما قال.

قلت: وكان رأي أولًا في ذلك ما ذهب إليه الحافظ من أن ميل البخاري في ذلك إلى قول الحسن كما هو الظاهر من صنيعه، لكن النظر الدقيق يشعر إلى أنه مال في ذلك إلى قول مالك للروايات المرفوعة الواردة في الباب، إلى آخر ما في هامش "اللامع".

قوله: (قال أهل العلم: إذا طلق ثلاثًا. . .) إلخ، كتب الشيخ في "اللامع" (١): استدلال على وقوع الثلاث بلفظ الحرام إذا نوى به الطلاق ويستنبط منه الحكم في غير الثلاث، انتهى.

وبسط الكلام في شرح قول البخاري هذا في هامش "اللامع" فارجع إليه لو شئت.

قوله: (وليس هذا كالذي يحرم الطعام) قال العلامة القسطلاني (٢): أي: ليس هذا التحريم المذكور في المرأة كالذي يحرم الطعام على نفسه "لأنه يقال لطعام الحل" ولأبي ذر "للطعام الحل"، "حرام" قال الشافعي: وإن حرم طعامًا وشرابًا فلغو، ويقال للمطلقة حرام خلافًا لما نقل عن الأصبغ وغيره ممن سوّى بين الزوجة والطعام والشراب، وقد ظهر أن الشيئين وإن استويا من جهة فقد يفترقان من جهة أخرى، فالزوجة إذا حرمها على نفسه وأراد بذلك تطليقها حرمت عليه، والطعام والشراب إذا حرمه على نفسه لم يحرم عليه ولا يلزمه كفارة لاختصاص الأبضاع بالاحتياط وشدة قبولها التحريم، ولذا احتج باتفاقهم على أن المرأة بالطلقة الثالثة تحرم على الزوج، فقال: "وقال" تعالى "في الطلاق ثلاث. . ." إلخ، انتهى من "القسطلاني".


(١) "لامع الدراري" (٩/ ٣٤٩).
(٢) "إرشاد الساري" (١٢/ ٢٥، ٢٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>