للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أو إلى مرض يفضي إليه، هذا قول الجمهور، وعن بعض المالكية تحديد ذلك بثلاثة أيام، قال ابن أبي جمرة: الحكمة في ذلك أن في الميتة سميةً شديدةً فلو أكلها ابتداء لأهلكته، فشرع له أن يجوع ليصير في بدنه بالجوع سمية أشد من سمية الميتة، فإذا أكل منها حينئذ لا يتضرر، انتهى.

وهذا إن ثبت حسن بالغ في غاية الحسن.

وأما الثاني فذكره في تفسير قوله تعالى: {مُتَجَانِفٍ لِإِثْمٍ} [المائدة: ٣] وقد فسره قتادة بالمتعدي وهو تفسير معنى، وقال غيره: الإثم أن يأكل فوق سدّ الرمق، وقيل: فوق العادة، وهو الراجح لإطلاق الآية، انتهى.

وفي "الأوجز" (١): قال الموفق: أجمع العلماء على تحريم الميتة على حال الاختيار، وعلى إباحة الأكل منه في الاضطرار، وكذلك سائر المحرمات، والأصل فيه قوله تعالى: {إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ} الآية [البقرة: ١٧٣]، ويباح له الأكل ما يسدّ الرمق ويأمن معه الموت بالإجماع، ويحرم ما زاد على الشبع بالإجماع، وفي الشبع روايتان: أظهرهما لا يباح، وهو قول أبي حنيفة وإحدى الروايتين عن مالك وأحد القولين للشافعي، والثانية يباح له الشبع، اختارها أبو بكر، إلى آخر ما بسط.

وقال ابن رُشد: أما مقدار ما يؤكل فإن مالكًا قال: حدّ ذلك الشبع والتزود منها حتى يجد غيرها، وقال الشافعي وأبو حنيفة: لا يأكل منها إلا ما يمسك به الرمق، وبه قال بعض أصحاب مالك، انتهى.

وبسط الكلام على مباحث تلك المسألة على ثمانية فصول في "الأوجز" (٢)، فارجع إليه لو شئت.

وفي هامش "الجلالين" المعروف بـ "حاشية الجمل" (٣): واختلف


(١) "أوجز المسالك" (١٠/ ١٥١، ١٥٢).
(٢) راجع: "أوجز المسالك" (١٠/ ١٤٩ - ١٥٧).
(٣) "الفتوحات الإلهية" (١/ ١٣٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>