للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال ابن الأثير في "النهاية": الغيبة أن تذكر الإنسان في غيبته بسوء وإن كان فيه.

وقال النووي في "الأذكار" تبعًا للغزالي: ذكر المرء بما يكرهه سواء كان ذلك في بدن الشخص أو دينه أو دنياه أو نفسه أو خلقه أو خلقه أو ماله أو والده أو ولده أو زوجه أو خادمه أو ثوبه أو حركته أو طلاقته أو عبوسته أو غير ذلك مما يتعلق به، سواء ذكرته باللفظ أو بالإشارة والرمز.

قال النووي: وممن يستعمل التعريض في ذلك كثير من الفقهاء في التصانيف وغيرها كقولهم: قال بعض من يدعي العلم، أو بعض من ينسب إلى الصلاح أو نحو ذلك مما يفهم السامع المراد به، وكل ذلك من الغيبة، وتمسك من قال: إنها لا يشترط فيها غيبة الشخص بالحديث المشهور الذي أخرجه مسلم وأصحاب السنن عن أبي هريرة رفعه وفيه: "ذكرك أخاك بما يكرهه" فلم يقيد ذلك بغيبة الشخص، فدلّ على أن لا فرق بين أن يقول ذلك في غيبته أو في حضوره، والأرجح اختصاصها بالغيبة مراعاةً لاشتقاقها، وبذلك جزم أهل اللغة.

ثم بسط الحافظ الكلام في حكم الغيبة، ونقل الإجماع على أنها من الكبائر، وقيل: من الصغائر، وتعقب هذا القول، ثم قال: ذكر المصنف في الباب حديث ابن عباس وليس فيه ذكر الغيبة بل فيه "يمشي بالنميمة" قال ابن التِّين: إنما ترجم بالغيبة وذكر النميمة لأن الجامع بينهما ذكر ما يكرهه المقول فيه بظهر الغيب، انتهى من "الفتح".

وقال ابن عابدين (١) بحثًا على تعريف الغيبة: قوله: حال كونه غائبًا، هذا القيد مأخوذ من مفهومها اللغوي ولم يذكر في الحديث، والظاهر أنه لو ذكر في وجهه فهو سبّ وشتم وهو حرام أيضًا بالأولى؛ لأنه أبلغ في الإيذاء عن حال الغيبة، انتهى.


(١) "ردّ المحتار" (٩/ ٥٨٥ - ٥٨٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>