للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومالك والشافعي وأبو يوسف ومحمد وإسحاق، وقال أبو حنيفة والثوري: لا حدّ عليه؛ لأنه وطءٌ تمكنت الشبهة منه، فلم يوجب الحد، كما لو اشترى أخته من الرضاع ثم وطئها، وبيان الشبهة أنه قد وجدت صورة المبيح، وهو عقد النكاح الذي هو سبب للإباحة، فإذا لم يثبت حكمه وهو الإباحة بقيت صورته شبهةً دارئةً للحد الذي يندرئ بالشبهات.

ثم ذكر الموفق دلائل الفريق الثاني ثم قال: إذا ثبت هذا فاختلف في الحد، فروي عن أحمد أنه يقتل على كل حال، والرواية الثانية حده حد الزاني، وبه قال الحسن ومالك والشافعي لعموم الآية والخبر، والقول فيمن زنى بذات محرمه من غير عقد كالقول فيمن وطئها بعد العقد.

وكل نكاح أجمع على بطلانه كنكاح خامسة أو متزوجة إذا وطئ فيه عالمًا بالتحريم فهو زنى، موجبٌ للحد المشروع فيه قبل العقد، وبه قال الشافعي، وقال أبو حنيفة وصاحباه: لا حد فيه لأجل الشبهة، وقال النخعي: يجلد مائة ولا ينفى، ولنا ما ذكرنا فيما مضى، وروى أبو نصر المروذي بإسناده أنه رُفع إلى عمر بن الخطاب امرأة تزوجت في عدتها فقال: هل علمتما؟ فقالا: لا، قال: لو علمتما لرجمتكما، فجلدهما أسواطًا، ثم فرق بينهما، انتهى مختصرًا.

وفي "الهداية" (١): ومن تزوج امرأة لا يحل [له] نكاحها فوطئها لا يجب عليه الحد عند أبي حنيفة، لكنه يوجب عقوبة إذا كان علم بذلك، وقال أبو يوسف ومحمد والشافعي: عليه الحد إذا كان عالمًا بذلك لأنه عقد لم يصادف محله فيلغو، انتهى.

قوله: (قبل سورة النور أم بعد) قال الحافظ (٢): وقد قام الدليل على أن الرجم وقع بعد سورة النور؛ لأن نزولها كان في قصة الإفك، واختلف


(١) "الهداية" (١/ ٣٤٦).
(٢) "فتح الباري" (١٢/ ١٢٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>