للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا البحث متعلق بالجزء الأول من الترجمة أعني قوله: "المكره ونحوه"، وأما ما يتعلق بالجزء الثاني وهو قوله: "في الحق وغيره".

فقال الحافظ (١): قال ابن المنيِّر (٢): ترجم بالحق وغيره ولم يذكر إلا الشق الأول، ويجاب بأن مراده بالحق الدين وبغيره ما عداه مما يكون بيعه لازمًا؛ لأن اليهود أكرهوا على بيع أموالهم لا لدين عليهم، انتهى.

كذا قال، ويرد عليه أنه على هذا ينعكس الإيراد لأنه يثبت على هذا الشق الثاني من الترجمة دون الأول، ثم قال الحافظ: قلت: ويحتمل أن يكون المراد بقوله: "وغيره" الدين، فيكون من الخاص بعد العام، وإذا صحّ البيع في الصورة المذكورة وهو سبب غير مالي فالبيع في الدين وهو سبب مالي أولى، انتهى. هذا ما قاله الشراح في شرح هذه الترجمة.

وكتب الشيخ قُدِّس سرُّه في "اللامع" (٣) مما يتعلق بالجزء الثاني من جزئي الترجمة حيث قال: إما أن يراد بالحق الحق المالي، أي: الدين ومثله، فالمعنى هذا بيان بيع المكره مملوكه في أداء حق الدائن وغيره من ذوي الحقوق، أو الحق ههنا هو الحق مقابل الباطل، أي: هذا بيان بيع المكره مملوكه فيما هو موافق للشريعة، ولا يكون باطلًا، والترجمة ثابتة بكلا معنييها بقوله: فمن وجده بماله فليبعه، فإن بيعهم هذا كان بحق، وأما إثبات الجزء الثاني من جزئي الترجمة فبقوله: "إنما الأرض لله ورسوله" فإنهم لو قصدوا بيع شيء من الأراضي كان بيعًا بغير الحق وفي الباطل، والله ولي التوفيق، انتهى.

ولله در الشيخ قُدِّس سرُّه فإنه قد استوفى حق الترجمة شرحًا وإيضاحًا بعبارة موجزة مفصحة، وهذا المعنى الثاني للحق اختاره صاحب "الفيض" أيضًا، وفيه (٤): كما أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أكره اليهود على الجلاء، وكان على الحق


(١) "فتح الباري" (١٢/ ٣١٧).
(٢) "المتواري" (ص ٣٣٧).
(٣) "لامع الدراري" (١٠/ ٢٠٠، ٢٠١).
(٤) "فيض الباري" (٦/ ٤١١، ٤١٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>