للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في ذلك، ثم قال: وليس هذا إكراهًا فقهًا، فإنه تحقق لو كان النبي - صلى الله عليه وسلم - هدّدهم بقتل أنفسهم أو بقطع عضوهم، وإذ ليس، فليس، انتهى.

ثم مسألة الباب أعني بيع المكره خلافية، وقد تقدم عن الحافظ أن ميل المصنف إلى جوازه، واختلف الأئمة في ذلك كما في فروعهم، فمذهب الحنفية ما قال ابن عابدين (١): قدمنا أن بيع المكره فاسد موقوف على إجازة البائع، وقول صاحب "الكنز": البيع مبادلة المال بالمال بالتراضي غير مرضي لأنه يخرج بيع المكره إلى آخر ما بسط، وفي "البدائع" (٢): لا يصح بيع المكره إذا باع مكرهًا، وسلم مكرهًا لعدم الرضا، فأما إذا باع مكرهًا، وسلم طائعًا، فالبيع صحيح، انتهى.

ومذهب الشافعية ما في "شرح الإقناع" (٣): ويشترط أيضًا عدم إكراه بغير حق، فلا يصح عقد مكره في ماله لغير حق لعدم رضاه، ويصح بحق كأن توجه عليه بيع ماله لوفاء دين، فأكرهه الحاكم عليه، انتهى.

وكذا عند الحنابلة بيع المكره باطل ففي "نيل المآرب" (٤): وشروطه سبعة: أحدها الرضاء به من المتبايعين، فلا يصح بيع المكره بغير حق كالذي يستولي على ملك رجل بلا حق فيطلبه، فيجحده إياه حتى يبيعه، أما إن أكره بحق كالذي يكرهه الحاكم على بيع ماله لوفاء دينه فبيعه صحيح، انتهى.

ومذهب المالكية كما في "مختصر الخليل" (٥) وشرحه: لا إن أجبر عليه جبرًا حرامًا، وهو ما ليس بحق فيصح ولا يلزم، قال شارحه: وأما لو أجبر على البيع جبرًا حلالًا كان البيع لازمًا كجبره على بيع الدار بتوسعة المسجد أو الطريق أو لوفاء دين إلى آخر ما بسط، وفي


(١) "رد المحتار" (٧/ ١٨).
(٢) "بدائع الصنائع" (٤/ ٣٨٨، ٣٨٩).
(٣) "شرح الإقناع" (٢/ ٥).
(٤) "نيل المآرب" (١/ ٣٣٢، ٣٣٣).
(٥) انظر: "الخرشي على مختصر سيدي خليل" (٥/ ٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>