للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الاضطرار لا غير، ولا يتحقق الاضطرار بإخافته عن قتل الأجنبي، انتهى.

وبسط الكلام في توضيح هذا المقام في هامش "فيض الباري" (١)، وفيه بعد بسط الكلام: إذا علمت هذا فاعلم أن ملخص إيراد البخاري في هذا الباب أمران: الأول: تفريق الإمام الأعظم بين حكم الأقارب وبين الأجنبي المسلم مع قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "المسلم أخو المسلم"، والثاني: فرقه بين حكم شرب الخمر ونحو البيع، انتهى.

قوله: (ثم ناقض فقال: إن قيل له. . .) إلخ، قال العلامة القسطلاني في "شرحه" (٢): أي: فاستحسن بطلان البيع ونحوه بعد أن قال: يلزمه في القياس، ولا يجوز له القياس فيها، وأجاب العيني بأن المناقضة ممنوعة لأن المجتهد يجوز له أن يخالف قياس قوله بالاستحسان، والاستحسان حجة عند الحنفية، انتهى.

قال العلامة السندي (٣): مبنى كلامهم أن الإكراه في كل شيء على حسبه، وهذا شيء يشهد به بداهة العقل، فتخليص القاتل عن المعصية والمقتول عن القتل لا يكون إكراهًا لغيرهما على المعصية، فإذا قال قائل: اعص الله وإلا فأعصيه أنا، فلا ينبغي له أن يعصيه، ولا يعدّ ذلك إكراهًا له على المعصية، نعم يكون إكراها على نحو البيع والهبة إذا كان المقتول أبا ونحوه مثلًا؛ والحاصل: أنه لا ينبغي اعتبار كل أذى إكراهًا في كل شيء، فمثل الكفر لا يباح لخوف لطمة بيد، وترك الأولى يعذر فيه بذلك، وحيث اعتبرنا الفرق يتضح كلام الحنفية، والله تعالى أعلم، انتهى.

وفي هامش "اللامع" (٤) عن "تقرير المكي": اعلم أن تحقق الإكراه في الجملة إنما هو في حق ذي رحم محرم، أما في حق الأجنبي فلا إكراه


(١) "فيض الباري" (٦/ ٤١٥).
(٢) "إرشاد الساري" (١٤/ ٤٣٨).
(٣) "صحيح البخاري بحاشية السندي" (٤/ ٢٠٢).
(٤) "لامع الدراري" (١٠/ ٢١٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>