للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وحديث ابن عمر مرفوعًا عند الحاكم، وقال: صحيح على شرطهما، قال: ولم ينكر أبو حنيفة حديث العائد في هبته كالكلب يعود في قيئه، بل عمل بالحديثين معًا، فعمل بالأول في جواز الرجوع، وبالثاني في كراهة الرجوع، واستقباحه لا في حرمته، وفعل الكلب يوصف بالقبح لا بالحرمة، انتهى.

قوله: (فلا زكاة على واحد منهما. . .) إلخ، قال الحافظ (١): قال ابن بطال (٢): إذا قبض الموهوب له هبة فهو مالك لها، فإذا حال عليها الحول عنده وجبت عليه الزكاة [فيها] عند الجميع، وأما الرجوع فلا يكون عند الجمهور إلا فيما يوهب للولد، فإن رجع فيها الأب بعد الحول وجبت فيها الزكاة على الابن، انتهى من "الفتح".

قلت: وأما مذهب الأحناف فهو ما حكاه البخاري من عدم وجوب الزكاة عليهما، ففي "الدر المختار" (٣): وتسقط الزكاة عن موهوب له في نصاب مرجوع فيه مطلقًا سواء رجع بقضاء أو غيره بعد الحول، وقيد به، أي: بقوله: عن موهوب له لأنه لا زكاة على الواهب اتفاقًا لعدم الملك وهي من الحيل، انتهى. ولذا أورد الإمام البخاري على الأحناف في هذه الحيلة.

ثم لا يذهب عليك أن الإمام البخاري وإن كان قائلًا بشفعة الجوار كما قال به الحنفية كما تقدم في محله، فلا يتوهم أنه مخالف للحنفية في هذا الجزء أيضًا، وإنما الإيراد على تجويزنا الحيلة في إسقاطها، فتأمل.

وفي "الفيض" (٤): قوله: "قال أبو عبد الله: فخالف. . ." إلخ، ومحصله أن القبح في مذهب الحنفية من وجهين، الأول: من قولهم بجواز الرجوع في الهبة، والثاني: بحكمهم بسقوط الزكاة بالحيلة، وفيهما نظر،


(١) "فتح الباري" (١٢/ ٣٤٦).
(٢) "شرح ابن بطال" (٨/ ٣٢٧).
(٣) "رد المحتار" (٣/ ٢٤١).
(٤) "فيض الباري" (٦/ ٤٣١).

<<  <  ج: ص:  >  >>