الاتصاف بها وبالذنوب سوى ذلك لا يوجب الخروج عن الإيمان، وأن النفاق في مثل تلك الروايات إنما هو نفاق العمل، أو تسميته نفاقًا بحسب صورة النفاق لا حقيقته، وذلك لأنه لم يطلق عليه لفظ المنافق، وإنما قال: إنها علامات له، فمن كانت فيه واحدة منها كان فيه من النفاق بقدرها، ومن كانت فيه زيادة منها كانت فيه زيادة منه، ولم يقل إنه منافق، وقد علم أن الإيمان غير مُتَجَزٍّ، فلا يمكن إثبات بعض الإيمان وبعض الكفر في مثل ذلك الرجل الذي فيه علامة أو علامتان أو ثلاث منها، وأيضًا: فقد ذكر فيه ما يدل على أنه لم يخرج بوجود تلك العلامات فيه من الإيمان وهو قوله: حتى يدعها، فعُلم أن نفس الموادعة والترك كافٍ ولا يفتقر إلى تجديد إيمانه، وأيضًا: ففيه دلالة على أن الإيمان يزيد وينقص؛ لأنه لما اتصف بعلائم المنافقين كان فيه نقص في الإيمان بهذا القدر، فافهم، انتهي.
وقال حضرة شيخ الهند رحمه الله في «تراجمه» ما تعريبه: «باب علامات المنافق»، بيَّن المؤلف رحمه الله تعالى النفاق بعد بيان الكفر والمعاصي والشرك، ويظهر من الترجمة أن علامات النفاق متعددة، والغرض بيانها، ثم ذكر في الحديث الأول ثلاثة علامات، وفي الثاني أربعة صراحة، فعُلم أن النفاق له مراتب عديدة أيضًا، ويزيد وينقص مثل الكفر، وما ذكر في الحديث الثاني قوله:«أربع من كن فيه كان منافقًا خالصًا، ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها»، يظهر منه الزيادة والنقصان في النفاق ظهور الشمس، ثم يظهر هنا أمران علاوةً على الغرض المذكور:
الأول: أن في هذا الباب تأييد للأبواب السابقة؛ كباب ظلم دون ظلم وغيره.
والثاني: كما أن المعاصي من الأمور الكفرية هكذا الأفعال التي ذكرها لعلامة النفاق هي داخلة في أفعال النفاق.
فكما صح أن يطلق على كفران العشير كفرًا هكذا يجوز أن يطلق على