للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الكفر والخيانة نفاقًا أيضًا، وما يفعله العلماء الكرام من التأويلات المختلفة للروايات على النفاق في العمل، فبعضهم جعل النفاق قسمين: نفاق في العقيدة ونفاق في العمل، وحمل هذه الروايات على النفاق في العمل، وبعضهم يجعل مجموعة العلامات الثلاثة الموجودة في الحديث الأول ومجموعة العلامات الأربعة الموجودة في الحديث الثاني كل منهما علاقة على حدة، ويقصد أن يثبت له معني خاصًّا فيما ذكرنا لا تبقى الحاجة إلى أي ذلك، فعليك بالتأمل الصادق، والله تعالى أعلم، انتهى.

وبسط الكلام على ذلك في هامش «اللامع» (١)، وفيه:

قال الكرماني (٢): إن جماعة من العلماء عدُّوا هذا الحديث مشکلًا من حيث إن هذه الخصال قد توجد في المسلم، من أن الإجماع حاصل [على] أنه لا يحكم بكفره ولا بنفاق يجعله في الدرك الأسفل من النار، انتهى.

قال النووي (٣): ليس في الحديث إشكال؛ لأن معناه: هذه خصال نفاق، وصاحبها شبيه بالمنافقين [في هذه الخصال، و] متخلق بأخلاقهم، إذ النفاق إظهار ما يبطن خلافه، وهو موجود في صاحب هذه الخصال، ويكون نفاقه خاصًّا في حق من حدَّثه ووعده وائتمنه، لا أنه منافق في الإسلام مبطن للكفر.

وأجمل الحافظ الكلام على الأجوبة، فقال بعد جواب النووي (٤): ومحصل هذا الجواب في التسمية على المجاز، أي: صاحب هذه الخصال کالمنافق، وهو بناءً على أن المراد بالنفاق نفاق الكفر، وقد قيل في الجواب عنه: إن المراد به نفاق العمل، وهذا ارتضاه القرطبي واستدل له بقول عمر - رضي الله عنه - لحذيفة: هل تعلم فيَّ شيئًا من النفاق؟ فإنه لم يرد بذلك نفاق الكفر، وإنما أراد نفاق العمل، ويؤيده وصفه بالخالص في الحديث الثاني بقوله: «كان منافقًا خالصًا».


(١) «لامع الدراري» (١/ ٥٧٥).
(٢) «شرح صحيح مسلم» (١/ ٣٢٣).
(٣) «شرح الكرماني» (١/ ١٤٨).
(٤) «فتح الباري» (١/ ٩٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>