للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقيل: المراد بإطلاق النفاق الإنذار والتحذير عن ارتكاب هذه الخصال، والظاهر غير مراد، وهذا ارتضاه الخطابي، وذكر أيضًا أنه يحتمل أن المتصف بذلك هو من اعتاد ذلك وصار له ديدنًا، قال: ويدل عليه التعبير بإذا، فإنها تدل على تكرار الفعل، كذا قال، والأولى ما قال الكرماني: إن حذف المفعول من حدّث يدل على العموم، أي: إذا حدّث في كل شيء كذب فيه، قال الكرماني (١): ولا شك أدن مثله منافق في الدين.

وقيل: محمول على من غلبت عليه هذه الخصال وتهاون بها واستخفّ بأمرها، فإن من كان كذلك كان فاسد الاعتقاد غالبًا، وهذه الأجوبة كلها مبنية على أن اللام في المنافق للجنس، ومنهم من ادَّعى أنها للعهد فقال: إنه ورد في حق شخص معين، وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يواجههم بصريح القول فيقول: فلان منافق، بل يشير إشارة كقوله - صلى الله عليه وسلم -: "ما بال أقوام يفعلون كذا؟ " فههنا إشارة بالآية إليه حتى يعرف ذلك الشخص بها.

وقيل: ورد في حق المنافقين في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم -، فحدثوا بإيمانهم فكذبوا، ووعدوا في نصر الدين فأخلفوا، وائتمنوا في دنياهم فخانوا، وتمسَّك هؤلاء بأحاديث ضعيفة جاءت في ذلك لو ثبت شيء منها تعيَّن المصير إليه، وأحسن الأجوبة ما ارتضاه القرطبي، انتهى ما في "الفتح" بزيادة.

قال الكرماني (٢): فلدفع الإشكال خمسة أوجه؛ لأن اللام فيه إما للجنس فهو إما على سبيل التشبيه أو المراد الاعتياد أو معناه الإنذار، وإما للعهد من منافقي زمن رسول الله، وإما من منافق خاص، وههنا وجه سادس، وهو أن المراد نفاق العمل لا نفاق الإيمان، وأحسن الوجوه وهو السابع بأن يقال: إن النفاق: شرعي، وهو ما يبطن الكفر ويظهر الإسلام،


(١) "شرح الكرماني" (١/ ١٤٨).
(٢) "شرح الكرماني" (١/ ١٤٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>